البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الحاقة مكية

صفحة 823 - الجزء 2

  الْمَاءُ} أي طمى وظهر حتى زاد على كل منتصب في الأرض أربعون ذراعاً {حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ١١} يعني سفينة نوح سميت بذلك لأنها جارية على الماء والمعنى حملنا آباءكم الذين أنتم من ذريتهم وقد يجوز أن يكون المعنى لأنهم كانوا في ظهور آبائهم المحمولين فصاروا معهم وقد قال العباس بن عبدالمطلب في مدح النبي ÷:

  قبلها طبت في الظلال وفي ... مستنقع الماء حيث يخصف الورق

  ثم هبطت البلاد لا بسوء ... أنت ولا مضغة ولا علق

  بل نطفة تركب السفين إذا ... الهم سرى وأهله الغرق

  {لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً} يعني سفينة نوح جعلها الله تذكرة وموعظة لهذه الأمة {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ١٢} وروينا عن رسول الله ÷ أنه قال: «لما نزلت هذه الآية سألت الله ø أن يجعلها أذن علي فجعلها» فكان أمير المؤمنين يقول: (ما سمعت من رسول الله ÷ شيئاً قط إلا حفظته».

  {... وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ ١٦} يعني ضعيفة {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا} والأرجاء نواحيها {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ١٧} صفوف من الملائكة والعرش العظمة والملك وحملهم لذلك بما بان فيهم من عظيم خلق الله وحسن تدبيره ومثل ذلك كما يقال: فلان حامل القرآن وحامل العلم وحامل الكل والغرم وإن كان حمل ما عددناه ووصفناه غير ممكن لأنها أعراض لا تحتمل ولا تنتقل فاستعير لها لفظ الحمل على المجاز والاتساع وكذلك لو قال قائل: فلان يحمل حكمة الله سبحانه وقدرته كان جائزاً أن فيه حكمته وقدرته.

  {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ١٨} يعني يوم القيامة لا