سورة الحاقة مكية
  يخفى المؤمن من الكافر ولا البر من الفاجر {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ١٩} والكتاب هو العمل الصالح يقود إلى طريق اليمين إلى الجنة وذلك طريق النجاة وضدها طريق الشمال لأنها إلى النار والتهلكة والعرب تقول للواحد: هاؤم اقرأوا وللاثنين هاؤما وللجمع هاؤهم والهاء في كتابيه ونظيرها موضوعة للمبالغة.
  {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ٢٠} والظن هاهنا بمعنى العلم لأن المؤمن أحسن بربه الظن فأحسن العمل وإن المنافق أساء بربه الظن فأساء العمل {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ٢١} بمعنى مرضية، وروينا عن رسول الله ÷ أنه قال: «تعيشون فلا تموتون أبداً وتصحون فلا تسقمون أبداً وتنعمون فلا ترون بؤساً أبدا وتشبون فلا تهرمون أبدا».
  قوله تعالى: {... وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ ٢٥} أي لم أطلع على عملي ولم أقف عليه لأنه كان مستوراً وافتضح {وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ ٢٦} أي لم أناقش في العمل وحسابه {يَالَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ ٢٧} أي موت لا حياة بعده {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ ٢٨} أي كثرة مالي في الدنيا لم ينفعني في الآخرة ولم يدفع عني أذية العقاب {هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ٢٩} أي ضلت حجتي ويحتمل أن يكون المعنى ما كان به في الدنيا مطاعاً متبوعاً وعزيزاً ممنوعاً.
  {... فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ ٣٥} والحميم القريب ومعناه أنه ليس له قريب ينفعه ولا يدفع عنه كما يفعل معه في الدنيا {وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ ٣٦} وهو صديد أهل النار وغسالة أجوافهم.
  قوله تعالى: {.. فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ ٣٨ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ ٣٩} وسبب نزول هذه الآية أن الوليد بن المغيرة قال إن محمداً ساحر وقال أبو