البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة المزمل مكية

صفحة 840 - الجزء 2

  انقطع إليه في الإخلاص والعبادة {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} يعني مشرق الشمس ومغربها.

  قوله ø: {وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ١٠} وهذا الهجر الجميل قبل نزول آية السيف ومعنى الجميل أي هجر ليس فيه جزع.

  {.. إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا} والأنكال الأغلال والقيود وسميت أنكالاً لأن الإنسان إذا رأى المعذب بها نكل عن فعل القبيح، وروينا في الخبر عن رسول الله ÷ أنه قال: «إن الله يحب النكل على النكل» قيل يا رسول الله وما النكل؟ قال: «الرجل القوي المجرب على الفرس القوي المجرب» فمن ذلك سمي القيد نكلاً لقوته وكذلك الغل.

  {.. وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا ١٤} والمهيل الذي إذا وطئه القدم زل من تحتها وإذا أخذت أسفله انهال أعلاه والكثيب مجتمع الرمل.

  {.. فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا ١٦} يعني به شديداً مهلكاً قال الشاعر:

  أكلت نبتك أكل الضب حتى ... وجدت مرارة الكلأ الوبيل

  {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا ١٧} يعني يوم القيامة والشيب جمع أشيب والأشيب الأشمط وهو الذي قد اختلط سواد شعره ببياضه قال الشاعر:

  طربت وما بك من طرب ... وهل يطرب الرجل الأشيب

  وإنما شيب الولدان من هول يوم القيامة {السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} أي منشقة من عظمته وشدته {كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا ١٨} أي بما وعد من ثواب وأوعد من عقاب مفعول لا خلف فيه.