البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة المدثر مكية

صفحة 843 - الجزء 2

  {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ٦} يعني ولا تعط عطية تلتمس بها أفضل منها وترجو عليها ثوابها ومكافأتها في الدنيا {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ٧} على ما لقيت من الأذى والمكروه وهذه الآية منسوخة بآية السيف ويجوز أن يكون المعنى فاصبر على ما أمرك الله به من أداء الرسالة وتعليم الدين {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ٨} والناقور القلب لأنه يحب إذا وعى الإنسان الحسنات.

  {... ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ١١} والمراد به الوليد بن المغيرة وإن كان كل الناس خلقوا مثل خلقه وإنما خص بالذكر لاختصاصه بكفر النعمة {وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا ١٢} وهو المال الذي لا ينقطع لا صيفاً ولا شتاء {وَبَنِينَ شُهُودًا ١٣} وكانوا ثلاثة عشر رجلاً ومعنى الشهود الحضور الذي لا يغيبون عنه وإذا ذكر ذكروا معه {وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا ١٤} يعني مهدت الأمر بالمال والولد والرئاسة {ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ ١٥ كَلَّا} ثم يطمع أن أزيد من المال والولد كلا.

  وروينا أنه لم يزل بعد نزول هذه الآية يرى النقصان في ماله وولده {إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا ١٦} يعني القرآن ونبوة محمد ÷ والعنيد المعاند قال الحارثي:

  إذا نزلت فاجعلاني وسطا ... إني كبير لا أريد العندا

  والثاني: يعني المشاق المباعد ومنه قول الشاعر:

  أرانا على حال يفرق بيننا ... نوى غربة إن الفراق عنود

  {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا ١٧} وهو العذاب الذي لا راحة فيه وروينا عن رسول الله ÷ أن الصعود جبل في النار من نار يكلف الكافر أن يصعده فإذا وضع يده ذابت فإذا رفعها عادت وإذا وضع رجله