البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الإنسان مدنية

صفحة 857 - الجزء 2

  وأرض الجنة فضة فلذلك كان قواريرها مثل الفضة {قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا ١٦} يعني على مقدار ريهم وكفايتهم لأنه ألذ وأشهى {وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا ١٧} يعني أنها تمزج بالزنجبيل وهو مما تستطيبه العرب لأنه يحذق اللسان ويهضم المأكول {عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا ١٨} والسلسبيل اسم لها وإنما سميت بذلك لأنها تسيل عليهم في مجالسهم وغرفهم وطرقهم.

  قوله تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} يعني صغاراً لا يكبرون وشباباً لا يهرمون، وقد يكون المخلد بمعنى المسوّر ومنه قول الشاعر:

  ومخلدات باللجين كأنما ... أعجازهن أقاور الكثبان

  {إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا ١٩} يعني لصفاء ألوانهم وحسن منظرهم.

  قوله تعالى: {.. وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا ٢١} يعني أنه لا سكر فيه ولا ذهاب عقل وإنما هو لذة للشاربين بخلاف شراب الدنيا الذي هو الخمر لأن خمر الدنيا نجسة رجسةمسكرة مذهبة للعقول والمعارف.

  قوله تعالى: {... وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ٢٥} يعني في أول النهار وآخره ففي أوله صلاة الصبح وفي آخره صلاة الظهر والعصر {وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ} يعني صلاة المغرب والعشاء الآخرة {وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا ٢٦} يعني التطوع في الليل وأكثر التسبيح في القرآن هو بمعنى الصلاة.

  قوله تعالى: {.. نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ} والأسر الخلق وقد يكون بمعنى المفاصل قال لبيد: