البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة عم يتساءلون مكية

صفحة 861 - الجزء 2

  {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ٢٣} يعني كلما مضى حقب جاء حقب آخر كذلك إلى الأبد، والحقب ثمانون سنة وقيل إنها أربعون سنة {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا ٢٤} يعني برد الماء وبرد الهواء، وقيل البرد بمعنى النوم قال الكندي:

  بردت مراسفها علي فصدني ... عنها وعن وجناتها البرد

  عنى به النوم. {إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا ٢٥} والحميم الحار الذي يحرق، والغساق هو صديد أهل النار وقيحهم الذي يخرج من أبدانهم ... {وِفَاقًا ٢٦} أي الجزاء موافق لسوء العمل.

  {إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا ٢٧} يعني أنهم لم يكونوا يرجون ثواباً ولا يخافون عقاباً {وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا ٢٨} يعني بآيات القرآن وكذلك يعني تكذيب بعضهم لبعض.

  {... إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا ٣١} يعني مخلصاً لأنهم خلصوا من النار بالجنة ومن العذاب بالرحمة.

  قوله تعالى: {.. وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا ٣٣} والكواعب النواهد العذارى الأتراب الأقران والأمثال {وَكَأْسًا دِهَاقًا ٣٤} أي مملوءة قال الشاعر:

  أتانا عامر يبغي قرانا ... فأترعنا له كأساً دهاقا

  وقيل إنها الصافية قال الشاعر:

  لأنت إلى الفؤاد أجد قرناً ... من الصادي إلى كأس دهاقا

  {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا ٣٥} يعني باطل الخمر ومآثمها وقوله فيها يعني في الجنة ... {عَطَاءً حِسَابًا ٣٦} يعني كافياً كثيراً لأن