البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة عبس مكية

صفحة 868 - الجزء 2

  وبين رسله بالوحي يقال: سفر بين القوم، إذا بلغ صلاحاً قال الشاعر:

  وما أدع السفارة بين قومي ... وما أمشي بغش إن مشيت

  {كِرَامٍ بَرَرَةٍ ١٦} يعني كرام عند الله ويجوز أنهم كرام عن المعاصي فهم يرفعون عنها ألسنتهم والبررة المطيعون.

  {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ١٧} يعني لعن وهذه الآية نزلت في عتبة بن أبي لهب حين قال كفرت برب (والنجم إذا هوى) فقال رسول الله ÷: «اللهم سلط عليه كلبك» فأخذه الأسد في طريق الشام، وما أكفره أي ما أشد كفره.

  قوله تعالى: {... ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ٢١} أي جعل له من يقبره فيواريه {ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ ٢٢} يعني أحياه قال الأعشى:

  حتى يقول الناس مما رأوا ... يا عجباً للميت الناشر

  {كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ ٢٣} يعني الكافر أنه لم يعمل ما أمره من الطاعة والإيمان وأتى بالتكذيب والعصيان.

  قال الإمام الناصر لدين الله ~ بعد أن ذكر زواجر القرآن استأنف ضرباً من المثل لأهل الإيمان ليزدادوا اعتباراً ونظراً واستبصاراً فقال: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ٢٤} يعني طعامه الذي يأكله وتحيا به نفسه، ويقوم به جسمه من أي شيء كان ثم كيف صار بعد حفظ الحياة ونمو الجسد {أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا ٢٥} يعني به المطر {ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا ٢٦} يعني بالنبات {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا ٢٧ وَعِنَبًا وَقَضْبًا ٢٨} وهو القضب وإنما سمي بذلك لأنه يقضب بعد ظهوره {وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا ٢٩ وَحَدَائِقَ غُلْبًا ٣٠} والغلب الشجر الطوال