البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة قريش مكية

صفحة 914 - الجزء 2

  قوله تعالى: {إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ٢} كانت لقريش في كل سنة رحلتان، والرحلة السفر لما يعاني فيها من الرحيل والنزول فرحلة الشتاء إلى تهائم اليمن ومواضع الدفء، ورحلة الصيف إلى الشام لأنها بلاد باردة.

  فإن قيل: فما المعنى بتذكيرهم برحلة الشتاء والصيف؟ فالجواب: أنهم كانوا آمنين في سفرهم من العرب لأنهم أهل الحرم فذكرهم الله تعالى بهذه النعمة لضربهم في الأرض آمنين مع خوف غيرهم ومع ذلك يتكسبون ويوسعون ويطعمون كما قال الشاعر:

  يا أيها الرجل المحول رحله ... هلا نزلت بآل عبد مناف

  الآخذو العهد من آفاقها ... والراحلون لرحلة الإيلاف

  فذكرهم الله بهذه النعمة {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ٣} بما أعطاهم من الأموال وساق إليهم من الأرزاق {وَءَامَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ٤} من خوف أن يقتلوهم أو يقاتلوهم أو يغزوهم لحرمة الحرم لما سبقت لهم من دعوة إبراهيم # حيث يقول: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا ءَامِنًا}⁣[البقرة: ١٢٦]، فأمرهم الله بعبادته حيث ذكرهم بنعمته.