شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك،

ابن عقيل (المتوفى: 769 هـ)

ما يشترط في شبه الجملة الذي يقع صلة

صفحة 159 - الجزء 1

  



= الشاهد فيه: قوله «الرسول الله منهم» حيث وصل أل بالجملة الاسمية، وهى جملة المبتدأ والخبر، وذلك شاذ.

ومن العلماء من يجيب عن هذا الشاهد ونحوه بأن «أل» إنما هى هنا بعض كلمة. وأصلها «الذين» فحذف ما عدا الألف واللام، قال هؤلاء: ليس حذف بعض الكلمة وإبقاء بعضها بعجب فى العربية، وهذا لبيد بن ربيعة العامرى يقول:

* درس المنا بمتالع فأبان*

أراد «المنازل» فحذف حرفين لغير ترخيم. وهذا رؤبة يقول:

* أوالفا مكة من ورق الحمى*

أراد «الحمام» فحذف الميم ثم قلب فتحة الميم كسرة والألف ياء، وقد قال الشاعر، وهو أقرب شئ إلى ما نحن بصدده:

وإنّ الّذى حانت بفلج دماؤهم ... هم القوم كلّ القوم يا أمّ خالد

أراد «وإن الذين» بدليل ضمير جماعة الذكور فى قوله «دماؤهم» وقوله فيما بعد «هم القوم» وعليه خرجوا قول الله تعالى: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا} أى كالذين خاضوا - وفى الآية تخريجان آخران؛ أحدهما: أن الذى موصول حرفى كما، أى وخضتم كخوضهم، وثانيهما: أن الذى موصول اسمى صفة لموصوف محذوف، والعائد إليه من الصلة محذوف أى: وخضتم كالخوض الذى خاضوه - قالوا: وربما حذف الشاعر الكلمة كلها؛ فلم يبق منها إلا حرفا واحدا، ومن ذلك قول الشاعر:

نادوهم: أن ألجموا، ألاتا، ... قالوا جميعا كلّهم: ألافا

فإن هذا الراجز أراد فى الشطر الأول «ألا تركبون» فحذف ولم يبق إلا التاء، وحذف من الثانى الذى هو الجواب فلم يبق إلا حرف العطف، وأصله «ألا فاركبوا». وبعض العلماء يجعل الحروف التى تفتتح بها بعض سور القرآن - نحو ألم، حم، ص - من هذا القبيل؛ فيقولون: ألم أصله: أنا الله أعلم، أو ما أشبه ذلك، وانظر مع هذا ما ذكرناه فى شرح الشاهد رقم ٣١٦ الآتى فى باب الترخيم.

قلت: وهذا الذى ذهبوا إليه ليس إلا قياما من ورطة للوقوع فى ورطة أخرى أشد