شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك،

ابن عقيل (المتوفى: 769 هـ)

الابتداء المبتدأ قسمان: مبتدأ له خبر، ومبتدأ له مرفوع اغنى عن الخبر

صفحة 194 - الجزء 1

  وإلى هذا أشار المصنف بقوله: «وقد يجوز نحو: فائر أولو الرّشد» أى: وقد يجوز استعمال هذا الوصف مبتدأ من غير أن يسبقه نفى أو استفهام.

  وزعم المصنف أن سيبويه يجيز ذلك على ضعف، ومما ورد منه قوله:

  ٤٠ - فخير نحن عند النّاس منكم ... إذا الدّاعى المثوّب قال: يالا


٤٠ - هذا البيت لزهير بن مسعود الضبى.

اللغة: «الناس» هكذا هو بالنون فى كافة النسخ، ويروى «البأس» بالباء والهمزة وهو أنسب بعجز البيت «المثوب» من التثويب، وأصله: أن يجئ الرجل مستصرخا فيلوح بثوبه ليرى ويشتهر، ثم سمى الدعاء نثوييا لدلك «قال يالا، أى: قال يا لفلان، فحذف فلانا وأبقى اللام، وانظر ص ١٥٩ السابقة.

الإعراب: «فخير» مبتدأ «نحن» فاعل سد مسد الخبر «عند» ظرف متعلق بخير، وعند مضاف و «والناس» أو «البأس» مضاف إليه «منكم» جار ومجرور متعلق بخير أيضا «إذا» ظرف للمستقبل من الزمان «الداعى» فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور، والتقدير: إذا قال الداعى، والجملة من الفعل المحذوف وفاعله فى محل جر بإضافة إذا إليها «المثوب» نعت للداعى «قال» فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على الداعى، والجملة من قال المذكور وفاعله لا محل لها من الإعراب مفسرة «يالا» مقول القول، وهو على ما عرفت من أن أصله يا لفلان.

الشاهد فيه: فى البيت شاهدان لهذه المسألة، وكلاهما فى قوله «فخير نحن»، أما الأول فإن «نحن» فاعل سد مسد الخبر، ولم يتقدم على الوصف - وهو «خير» - نفى ولا استفهام وزعم جماعة من النحاة - منهم أبو على وابن خروف - أنه لا شاهد فى هذا البيت، لأن قوله «خير» خبر لمبتدأ محذوف، تقديره «نحن خير - إلخ» وقوله «نحن» المذكور فى البيت تأكيد للضمير المستتر فى خير، وانظر كيف يلجأ إلى تقدير شئ وفى الكلام ما يغنى عنه؟ وأما الشاهد الثانى فإن «نحن» الذى وقع فاعلا أغنى عن الخبر هو ضمير منفصل؛ فهو دليل للجمهور على صحة ما ذهبوا إليه من جواز كون فاعل الوصف المغنى عن الخبر ضميرا منفصلا، ولا يجوز فى هذا البيت أن يكون قوله «نحن» مبتدأ مؤخرا ويكون «خير» خبرا مقدما؛ إذ يلزم على ذلك الفصل بين «خير» وما يتعلق به - وهو قوله «عند الناس» وقوله «منكم» - بأجنبى، على ما قررناه فى قوله تعالى: