شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك،

ابن عقيل (المتوفى: 769 هـ)

لا تقع النكرة مبتدأ الا بمسوغ

صفحة 224 - الجزء 1

  الحادى والعشرون: أن تقع بعد «لو لا»، كقوله:

  ٤٧ - لو لا اصطبار لأودى كلّ ذى مقة ... لمّا استقلّت مطاياهنّ للظّعن


= والرابط بين جملة الصفة والموصوف هو الضمير المجرور محلا بالإضافة فى قوله أرساغه «به» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «عسم» مبتدأ مؤخر، والجملة من المبتدأ وخبره فى محل نصب صفة ثانية لبوهة «يبتغى» فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى بوهة، وجملة الفعل وفاعله فى محل نصب صفة لبوهة أيضا «أرنبا» مفعول به ليبتغى، فقد وصف البوهة فى هذين البيتين بخمس صفات: الأولى قوله «عليه عقيقه» والثانية قوله «أحسبا» والثالثة جملة «مرسعة بين أرساغه»، والرابعة جملة «به عسم»، والخامسة جملة «يبتغى أرنبا».

الشاهد فيه: قوله «مرسعة» فإنها نكرة وقعت مبتدأ، وقد سوغ الابتداء بها إبهامها، ومعنى ذلك أن المتكلم قصد الإبهام بهذه النكرة، ولم يكن له غرض فى البيان والتعيين أو نقليل الشيوع، وأنت خبير بأن الإبهام قد يكون من مقاصد البلغاء ألا ترى أنه لا يريد مرسعة دون مرسعة، وهذا معنى قصد الإبهام الذى ذكره الشارح.

واعلم أن الاستشهاد بهذا البيت لا يتم إلا على رواية مرسعة بتشديد السين مفتوحة، وبرفعها وتفسيرها بما ذكرنا، وقد رويت بتشديد السين مكسورة، ومعناها الرجل الذى فسد موق عينه، وعلى هذا تروى بالرفع والنصب؛ فرفعها على أنها خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: هو مرسعة، أى البوهة السابق مرسعة، ونصبها على أنها صفة لبوهة فى البيت السابق من باب الوصف بالمفرد، ولا شاهد فى البيت لما نحن فيه الآن على إحدى هاتين الروايتين.

٤٧ - لم ينسبوا هذا الشاهد إلى قائل معين.

اللغة: «أودى» فعل لازم معناه هلك «مقة» حب، وفعله ومقه يمقه مقة - كوعده يعده عدة - والتا، فى مقة عوض عن فاء الكلمة - وهى الواو - كعدة وزنة ونحوهما «استقلت» نهضت وهمت بالمسير «الظعن» الرحيل والسفر، وهو بفتح العين هنا.

المعنى. يقول: إنه صبر على سفر أحبابه، وتجلد حين اعتزموا الرحيل، ولو لا ذلك الصبر الذى أبداه وتمسك به لظهر منه ما يهلك بسببه كل من بحبه ويعطف عليه.