المواضع التي يجب فيها حذف الخبر
  وهذا الذى ذكره المصنف فى هذا الكتاب - من أن الحذف بعد «لو لا» واجب إلا قليلا - هو طريقة لبعض النحويين، والطريقة الثانية: أن الحذف واجب [دائما(١)] وأن ما ورد من ذلك بغير حذف فى الظاهر مؤوّل، والطريقة الثالثة أن الخبر: إما أن يكون كونا مطلقا، أو كونا مقيّدا؛ فإن كان كونا مطلقا وجب حذفه، نحو: «لو لا زيد لكان كذا» أى: لو لا زيد موجود، وإن كان كونا مقيّدا؛ فإما أن يدلّ عليه دليل، أو لا، فإن لم يدل عليه دليل وجب ذكره، نحو: «لو لا زيد محسن إلىّ ما أتيت» وإن دلّ عليه [دليل] جاز إثباته وحذفه، نحو أن يقال: هل زيد محسن إليك؟ فتقول: «لو لا زيد لهلكت» أى: «لو لا زيد محسن إلىّ»، فإن شئت حذفت الخبر، وإن شئت أثبتّه، ومنه قول أبى العلاء المعرّىّ،
(١) ههنا شيآن نحب أن ننبهك إليهما، الأول أن الطريقة الثانية من الطرق الثلاث التى ذكرها الشارح هى طريقة جمهور النحاة، والفرق بينها وبين الطريقة الأولى أن أهل الطريقة الأولى يقولون: إن ذكر الخبر عندهم بعد «لو لا» قليل، وليس شاذا، وذلك بخلاف طريقة الجمهور، فإن ذكر الخير عندهم بعد «لو لا» إن كان صادرا عمن لا يستشهد بكلامه كما فى بيت المعرى الآتى فهو لحن، وإن كان صادرا عمن يستشهد بكلامه فإن أمكن تأويله كالشاهد ٥٦ وما أنشدناه معه فهو مؤول، وإن لم يمكن تأويله فهو شاذ، ولا شك أن القليل غير الشاذ.
والأمر الثانى: أن الشارح قد حمل كلام الناظم على الطريقة الأولى، وذلك مخالف لما حمله من عداه من الشروح فإنهم جميعا حملوا كلام الناظم على الحالة الثالثه، بدليل أنه اختارها فى غير هذا الكتاب، وهو الذى أشرنا إليه عند إعراب البيت، وتلخيصه أن تحمل قوله «غالبا» على حالات «لو لا» وذلك لأن لو لا إما أن يليها كون عام وهو أغلب الأمر فيها، وإما أن يليها كون خاص وهو قليل، ثم تحمل قوله «حتم» على الحكم النحوى، وكأنه قد قال: إن كان خبر المبتدأ الواقع بعد لو لا كونا عاما وهو الغالب فإنه لا يجوز ذكر ذلك الخبر، وهذا هو - كما ذكرنا - الطريقة الثالثة، فتدبر.