قد يكون الخبر متعددا لمبتدأ واحد
  اختلف النحويون فى جواز تعدّد خبر المبتدأ الواحد بغير حرف عطف، نحو: «زيد قائم ضاحك» فذهب قوم - منهم المصنف - إلى جواز ذلك، سواء(١) كان الخبران فى معنى خبر واحد، نحو: «هذا حلو حامض» أى مزّ، أم لم يكونا كذلك، كالمثال الأول، وذهب بعضهم إلى أنه لا يتعدّد الخبر إلا إذا كان الخبران فى معنى خبر واحد؛ فإن لم يكونا كذلك تعيّن العطف؛ فإن جاء من لسان العرب شئ بغير عطف قدّر له مبتدأ آخر؛ كقوله تعالى: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} وقول الشاعر:
  ٥٨ - من يك ذا بتّ فهذا بتّى ... مقيّظ مصيّف مشتّى
«شعرا» أصله شعراء فقصره للضرورة، وهو خبر ثان، والجملة من المبتدأ وخبريه فى محل نصب مقول القول المقدر.
(١) الذى يستفاد من كلام الشارح - وهو تابع فيه للناظم فى شرح الكافية - أن تعدد الخبر على ضربين (الأول) تعدد فى اللفظ والمعنى جميعا، وضابطه: أن يصح الإخبار بكل واحد منهما على انفراده، كالآية القرآنية التى تلاها، وكمثال النظم، وكالبيتين اللذين أنشدهما. وحكم هذا النوع - عند من أجاز التعدد - أنه يجوز فيه العطف وتركه، وإذا عطف أحدهما على الآخر جاز أن يكون العطف بالواو وغيرها، فأما عند من لم يجز التعدد فيجب أن يعطف أو يقدر لما عدا الأول مبتدآت (الثانى) التعدد فى اللفظ دون المعنى، وضابطه: ألا يصح الإخبار بكل واحد منهما على انفراده، نحو قولهم: الرمان حلو حامض، وقولهم: فلان أعسر أيسر، أى يعمل بكلتا يديه، ولهذا النوع أحكام: منها أنه يمتنع عطف أحد الأخبار على غيره، ومنها أنه لا يجوز توسط المبتدأ بينها، ومنها أنه لا يجوز تقدم الأخبار كلها على المبتدأ؛ فلا بد فى المثالين من تقدم المبتدأ عليهما، والإتيان بهما بغير عطف؛ لأنهما عند التحقيق كشئ واحد؛ فكل منهما يشبه جزء الكلمة.
٥٨ - ينسب هذا البيت لرؤبة بن العجاج، وهو من شواهد سيبويه (ج ١ ص ٢٥٨) ولم ينسبه ولا نسبه الأعلم، وروى ابن منظور هذا البيت فى اللسان أكثر من مرة ولم ينسبه فى إحداها، وقد روى بعد الشاهد فى أحد المواضع قوله: