قد يكون الخبر متعددا لمبتدأ واحد
  وزعم يعضهم أنه لا يتعدّد الخبر إلا إذا كان من جنس واحد، كأن يكون الخبران مثلا مفردين، نحو: «زيد قائم ضاحك» أو جملتين نحو: «زيد قام ضحك» فأما إذا كان أحدهما مفردا والآخر جملة فلا يجوز ذلك؛ فلا تقول: «زيد قائم ضحك» هكذا زعم هذا القائل، ويقع فى كلام المعريين للقرآن الكريم وغيره تجويز ذلك كثيرا، ومنه قوله تعالى: {فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى} جوزوا كون «تسعى» خبرا ثانيا، ولا يتعين ذلك؛ لجواز كونه حالا(١).
= الشاهد فيه: قوله «فهو يقظان نائم» أو قوله «فهو يقظان هاجع» حيث أخبر عن مبتدأ واحد - وهو قوله «هو» - بخبرين وهما قوله «يقظان هاجع» أو قوله «يقظان نائم» من غير عطف الثانى منهما على الأول
والشواهد على ذلك كثيرة فى كلام من يحتج بكلامه شعره ونثره؛ فلا معنى لجحده ونكرانه.
ومما استشهد به المجيز قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّها لَظى نَزَّاعَةً لِلشَّوى} وقوله سبحانه فى قراءة ابن مسعود: (وهذا بعلى شيخ) ومنه قول على بن أبى طالب أمير المؤمنين:
أنا الذى سمّتن أمّى حيدره ... كليث غابات غليظ القصره
* أكيلكم بالسّيف كيل السّندره*
فإن قوله «أنا» مبتدأ، والاسم الموصول بعده خبره، ويجوز أن يكون «كليث» جارا ومجرورا يتعلق بمحذوف خبر ثان، وقوله «أكيلكم» جملة فعلية فى محل رفع خبر ثالث، وهذا دليل لمن أجاز تعدد الخبر مع اختلاف الجنس، وهو ظاهر بعد ما بيناه.
(١) إذا لم تجعل جملة (تسعى) خبرا ثانيا كما يقول المعربون فهى فى محل رفع صفة لحية، وليست فى محل نصب حالا من حية كما زعم الشارح، وذلك لأن (حية) نكرة لا مسوغ لمجئ الحال منها، وصاحب الحال لا يكون إلا معرفة أو نكرة معها مسوغ، اللهم إلا أن تتمحل للشارح فتزعم أن الجملة حال من الضمير الواقع مبتدأ على رأى سيبويه الذى يجيز مجئ الحال من المبتدأ.