ه قف على اختلاف العلماء في ليس أحرف هو أم فعل؟
  لما فرغ من الكلام على المبتدأ والخبر شرع فى ذكر نواسخ الابتداء، وهى قسمان: أفعال، وحروف؛ فالأفعال: كان وأخواتها، وأفعال المقاربة، وظنّ وأخواتها؛ والحروف: ما وأخواتها، ولا التى لنفى الجنس، وإنّ وأخواتها.
  فبدأ المصنف بذكر كان وأخواتها، وكلّها أفعال اتفاقا، إلا «ليس»؛ فذهب الجمهور إلى أنها فعل، وذهب الفارسىّ - فى أحد قوليه - وأبو بكر بن شقير - فى أحد قوليه - إلى أنها حرف(١).
= قصد لفظه مجرور محلا بالباء، والجار والمجرور متعلق بمسبوقا «كأعط» الكاف جارة لقول محذوف كما سبق مرارا، أعط: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، ومفعوله الأول محذوف، والتقدير «أعط المحتاج» مثلا «ما» مصدرية ظرفية «دمت» دام: فعل ماض ناقص، والتاء ضمير المخاطب اسم دام «مصيبا» خبر دام «درهما» مفعول ثان لأعط، وتلخيص البيت: ودام مثل كان - فى العمل الذى هو رفع الاسم ونصب الخبر - لكن فى حالة معينة، وهى حالة ما إذا سبقت دام بما المصدرية الظرفية الواقعة فى نحو قولك «أعط المحتاج درهما مادمت مصيبا» أى مدة دوامك مصيبا، والمراد مادمت تحب أن تكون مصيبا.
(١) أول من ذهب من النحاة إلى أن ليس حرف، هو ابن السراج وتابعه على ذلك أبو على الفارسى فى «الحلبيات» وأبو بكر بن شقير، وجماعة.
واستدلوا على ذلك بدليلين:
الدليل الأول، أن «ليس» أشبه الحرف من وجهين:
الوجه الأول: أنه يدل على معنى يدل عليه الحرف، وذلك لأنه يدل على النفى الذى يدل عليه «ما» وغيرها من حروف النفى.
الوجه الثانى: أنه جامد لا يتصرف، كما أن الحرف جامد لا يتصرف.
والدليل الثانى: أنه خالف سنن الأفعال عامة، وبيان ذلك أن الأفعال بوجه عام مشتقة من المصدر للدلالة على الحدث دائما والزمان بحسب الصيغ المختلفة، وهذه الكلمة لا تدل على الحدث أصلا، وما فيها من الدلالة على الزمان مخالف لما فى عامة الأفعال؛ فإن عامة الأفعال الماضية تدل على الزمان الذى انقضى، وهذه الكلمة تدل على نفى