شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك،

ابن عقيل (المتوفى: 769 هـ)

إذا ورد في كلام العرب ما ظاهره ايلاء العمل معمول خبره وجب تأويله

صفحة 283 - الجزء 1

  فهذا ظاهره أنه مثل «كان طعامك زيد آكلا» ويتخرّج على أن فى «كان» ضميرا مستترا هو ضمير الشأن [وهو اسم كان].


= مفعول به لعود، وجملة المبتدأ وخبره فى محل نصب خبر كان؛ فلم يتقدم معمول الخبر على الاسم لأن اسم كان مضمر يلى العامل.

والتوجيه الثانى: أن «كان» فى البيت زائدة، و «عطية عود» مبتدأ وخبر، وجملة المبتدأ والخبر لا محل لها من الإعراب صلة الموصول، وهو «ما»، أى بالذى عطية عودهموه.

والثالث: أن اسم «كان» ضمير مستتر يعود على «ما» الموصولة، وجملة عطية عود من المبتدأ والخبر فى محل نصب خبر كان، وجملة كان ومعموليها لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.

والعائد - على هذا التوجيه والذى قبله - محذوف تقديره هنا: بما كان عطية عودهموه ومنهم من يقول: هذا البيت من الضرورات التى تباح للشاعر، ولا يجوز لأحد من المتكلمين أن يقيس فى كلامه عليها.

قال المحققون من العلماء: والقول بالضرورة متعين فى قول الشاعر، ولم نقف على اسمه:

باتت فؤادى ذات الخال سالبة ... فالعيش إن حمّ لى عيش من العجب

فذات الخال: اسم بات، وسالبة: خبره، وفيه ضمير مستتر هو فاعله يعود على ذات الخال، وفؤادى: مفعول به مقدم على عامله الذى هو قوله سالبة، وزعموا أنه لا يمكن فى هذا البيت أن يجرى على إحدى التوجيهات السابقة، ومثله قول الآخر:

لئن كان سلمى الشّيب بالصّدّ مغريا ... لقد هوّن السّلوان عنها التّحلّم

فالشيب: اسم كان، ومغريا خبره، وفيه ضمير مستتر يعود على الشيب هو فاعله وسلمى مفعول به لمغريا تقدم على اسم كان، ولا تتأتى فيه التوجيهات السابقة.

ومن العلماء من خرج هذين البيتين تخريجا عجيبا؛ فزعم أن «فؤادى» منادى بحرف نداء محذوف، وكذلك «سلمى» وكأن الشاعر قد قال: باتت يا فؤادى ذات الخال سالبة إياك، ولئن كان يا سلمى الشيب مغريا إياك بالصد، وجملة النداء فى البيتين لا محل لها معترضة بين العامل ومعموليه.