إذا ورد في كلام العرب ما ظاهره ايلاء العمل معمول خبره وجب تأويله
  ومما ظاهره أنه مثل «كان طعامك آكلا زيد» قوله:
  ٦٨ - فأصبحوا والنّوى عالى معرّسهم ... وليس كلّ النّوى تلقى المساكين
٦٨ - البيت لحميد الأرقط، وكان بخيلا، فنزل به أضياف، فقدم لهم تمرا، والبيت من شواهد كتاب سيبويه (ج ١ ص ٣٥) وقبله قوله:
باتوا وجلّتنا الصّهباء بينهم ... كأنّ أظفارهم فيها السّكاكين
اللغة: «جلتنا» بضم الجيم وتشديد اللام مفتوحة - وعاء يتخذ من الخوص يوضع فيه التمر يكنز فيه، وجمعه جلل - بوزن غرفة وغرف - ويجمع أيضا على جلال، وهى عربية معروفة «الصهباء» يريد أن لونها الصهبة، قال الأعلم فى شرح شواهد سيبويه: الجملة قفة التمر تتخذ من سعف النخل وليفه؛ فلذلك وصفها بالصهبة، اه، «فأصبحوا» دخلوا فى الصباح «معرسهم» اسم مكان من «عرس بالمكان» - بتشديد الراء مفتوحة - أى نزل به ليلا.
المعنى: يصف أضيافا نزلوا به فقراهم تمرا؛ يقول: لما أصبحوا ظهر على مكان نزولهم نوى التمر كومة مرتفعة، مع أنهم لم يكونوا يرمون كل نواة يأكلون تمرتها؛ بل كانوا يلقون بعض النوى ويبلعون بعضا، إشارة إلى كثرة ما قدم لهم منه، وكثرة ما أكلوا، ووصفهم بالشره.
الإعراب: «فأصبحوا» فعل وفاعل «و» حالية «النوى» مبتدأ «عالى» خبره، وعالى مضاف ومعرس من «معرسهم» مضاف إليه، ومعرس مضاف والضمير مضاف إليه، والجملة من المبتدأ والخبر فى محل نصب حال من الواو فى أصبحوا «ليس» فعل ماض ناقص، واسمها ضمير الشأن «كل» مفعول به مقدم لقوله «تلقى» وكل مضاف، و «النوى» مضاف إليه «نلقى» فعل مضارع «المساكين» فاعل تلقى، والجملة من الفعل والفاعل فى محل نصب خبر ليس، وهذا الإعراب جار على الذى اختاره العلماء كما ستعرف.
الشاهد فيه: قوله «وليس كل النوى تلقى المساكين» ولكى يتضح أمر الاستشهاد بهذا البيت تمام الاتضاح نبين لك أولا أنه يروى برفع كل وبنصبه، ويروى «يلقى المساكين» بياء المضارعة كما يروى «تلقى المساكين» بالتاء؛ فهذه أربع روايات.