شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك،

ابن عقيل (المتوفى: 769 هـ)

الاستثناء حكم المستثنى الواقع بعد الا

صفحة 598 - الجزء 1

  ومررت بالقوم إلا حمارا» فـ «زيدا» فى هذه المثل منصوب على الاستثناء، وكذلك «حمارا».

  والصحيح من مذاهب النحويين أن الناصب له ما قبله بواسطة «إلا»، واختار المصنف - فى غير هذا الكتاب - أن الناصب له «إلّا» وزعم أنه مذهب سيبويه⁣(⁣١) وهذا معنى قوله «ما استثنت إلا مع تمام ينتصب» أى: أنه ينتصب الذى استثنته «إلا» مع تمام الكلام، إذا كان موجبا.


(١) للنحاة فى ناصب الاسم الواقع بعد «إلا» خلاف طويل، غير أن أشهر مذاهبهم فى ذلك تتلخص فى أربعة أقوال:

الأول: أن الناصب له هو الفعل الواقع فى الكلام السابق على «إلا» بواسطتها، فيكون عمل «إلا» هو تعدية ما قبلها إلى ما بعدها، كحرف الجر الذى يعدى الفعل إلى الاسم، غير أن هذه التعدية بالنظر إلى المعنى، وهذا مذهب السيرافى، ونسبه قوم منهم ابن عصفور وغيره إلى سيبويه، وقال الشلوبين: إنه مذهب المحققين.

الثانى: أن الناصب له هو نفس «إلا» وهو مذهب ابن مالك الذى صرح به فى غير هذا الكتاب، وعبارته فى الألفية تشير إليه، أفلا ترى أنه يقول فى مطلع الباب «ما استئنت إلا» ثم يقول بعد أبيات «وألغ إلا» وهى عبارة يدل ظاهرها على أن لمراد إلغاؤها عن العمل

الثالث: أن الناصب له هو الفعل الواقع قبل «إلا» باستقلاله، لا بواسطتها كالمذهب الأول

الرابع: أن الناصب له فعل محذوف تدل عليه «إلا» والتقدير: أستثنى زيدا، مثلا

ويرد على المذهبين الأول والثالث أنه قد لا يكون فى الكلام المتقدم على «إلا» ما يصلح لعمل النصب من فعل أو نحوه، تقول: إن القوم إخوتك إلا زيدا، فكيف تقول: إن العامل الذى قبل «إلا» هو الناصب لما بعدها؟ سواء أقلنا: إنه ناصبه على الاستقلال أم قلنا: إنه ناصبه بواسطة «إلا».

ويمكن أن يجاب على ذلك بأننا فى هذا المثال وما أشبهه نلتزم تأويل ما قبل «إلا» بما يصلح لعمل النصب، وهذا الجواب - مع إمكانه - ضعيف، للتكلف الذى يلزمه.