النهاية في غريب الحديث والأثر،

ابن الأثير (المتوفى: 606 هـ)

(ضحل)

صفحة 77 - الجزء 3

  (هـ) وَمِنَ الْأَوَّلِ كِتَابُ علّيٍ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ «أَلَا ضَحِّ رُوَيداً⁣(⁣١) قَدْ بلَغْتَ المَدَى» أَيِ اصْبِر قَلِيلًا.

  (هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ «فَإِذَا نَضَب عُمْره وضَحَا ظلُّه» أَيْ مَاتَ. يُقَال ضَحَا الظِّلُّ إِذَا صَارَ شَمْسًا، فَإِذَا صَارَ ظِلُّ الْإِنْسَانِ شَمْسًا فَقَدْ بَطُلَ صاحبُه.

  (هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الِاسْتِسْقَاءِ «اللهمُّ ضَاحَتْ بلادُنا واغْبَرَّت أرضُنا» أَيْ برَزَت لِلشَّمْسِ وَظَهَرَتْ لِعَدَمِ النَّبات فِيهَا. وَهِيَ فاعَلَت، مِنْ ضَحَى، مِثْلَ رَامت مِنْ رَمَى، وأصلُها: ضَاحَيَتْ.

  (هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «رَأَى مُحْرِماً قَدِ استَظَلّ، فَقَالَ: أَضْحِ لِمَن أحْرَمْتَ لَهُ» أَيِ اظْهَرْ واعْتَزِل الكِنَّ والظِّلَّ، يُقَالُ ضَحَيْتُ لِلشَّمْسِ، وضَحِيتُ أَضْحَى فِيهِمَا إِذَا بَرَزْتَ لَهَا وظَهَرْت.

  قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يَرْوِيهِ المحدِّثُون «أَضْحِ» بِفَتْحِ الْأَلِفِ وَكَسْرِ الْحَاءِ⁣(⁣٢). وَإِنَّمَا هُوَ بِالْعَكْسِ.

  (س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ «فَلَمْ يَرُعْني إِلَّا ورسولُ اللَّهِ قَدْ ضَحَا» أَيْ ظَهَر.

  (هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وَلَنَا الضَّاحِيَة مِنَ البَعْل» أَيِ الظاهِرَة البارِزَة الَّتِي لَا حائِلَ دُونَهَا.

  (س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي ذَرِّ: إِنِّي أخافُ عَلَيْكَ مِنْ هَذِهِ الضَّاحِيَة» أَيِ الناحِية الْبَارِزَةِ.

  (س) وَحَدِيثُ عُمَرَ «أَنَّهُ رَأَى عَمْرَو بْنَ حُريثٍ، فَقَالَ: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: إِلَى الشَّامِ، قَالَ:

  أمَا إِنَّهَا ضَاحِيَة قَومِك» أي ناحِيَتُهم.


(١) رواية الهروي: «ألا ضحِّ رويدا فكأن قد بلغت المدى». وهي رواية الزمخشري أيضاً في الفائق ٢/ ٤٢٨.

(٢) بعد هذا في الصحاح (ضحا): من أضحيتُ. وقال الأصمعي: إنما هو «اضْحَ لمن أحرمتَ له»، بكسر الألف وفتح الحاء، من ضَحِيتُ أَضْحَى، لإنه إنما أمره بالبروز للشمس، ومنه قوله تعالى: وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى. اهـ واللفظة في الهروي: «إضْحَ»، ضبط قلم.