النهاية في غريب الحديث والأثر،

ابن الأثير (المتوفى: 606 هـ)

(بأر)

صفحة 89 - الجزء 1

حرف الباء

بَابُ الْبَاءِ مَعَ الْهَمْزَةِ

(بَأَرَ)

  (هـ) فِيهِ «إِنَّ رَجُلًا آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَلَمْ يَبْتَئِرْ خَيْرًا» أَيْ لَمْ يُقَدِّمْ لِنَفْسِهِ خَبيئة خَيْرٍ وَلَمْ يَدَّخر، تَقُولُ مِنْهُ: بَأَرْتُ الشَّيْءَ وابْتَأَرْتُهُ إِبَارَةً وأَبْتَئِرُهُ.

  وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ ^ «اغتَسلي مِنْ ثَلَاثَةِ أَبْؤُرٍ، يَمُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا» أَبْؤُر جمعِ قِلَّةٍ لِلْبِئْرِ وتُجمع عَلَى آبَار، وبِئَار، ومدُّ بعضِها بَعْضًا هُوَ أَنَّ مِيَاهَهَا تَجْتَمِعُ فِي وَاحِدَةٍ كَمِيَاهِ الْقَنَاةِ.

  وَفِيهِ «البِئْر جُبار» قِيلَ هِيَ العادِيَّة الْقَدِيمَةُ لَا يُعلم لَهَا حَافِرٌ وَلَا مَالِكٌ فَيَقَعُ فِيهَا الْإِنْسَانُ أَوْ غَيْرُهُ فَهُوَ جُبار، أَيْ هَدَر. وَقِيلَ هُوَ الْأَجِيرُ الَّذِي يَنْزِلُ إِلَى الْبِئْرِ فَيُنَقِّيهَا وَيُخْرِجُ شَيْئًا وَقَعَ فِيهَا فَيَمُوتُ.

(بَأَسَ)

  (س) فِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ «تَقْنع يَدَيْكَ وتَبْأَسُ» هُوَ مِنَ البُؤْسِ: الْخُضُوعُ وَالْفَقْرُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أمْراً وَخَبَرًا. يُقَالُ بَئِسَ يَبْأَسُ بُؤْساً وبَأْساً: افْتَقَرَ واشتدَّت حَاجَتُهُ، وَالِاسْمُ مِنْهُ بَائِس.

  وَمِنْهُ حَدِيثُ عَمَّارٍ ¥ «بُؤْسُ ابْنُ سُميَّة» كَأَنَّهُ تَرحَّم لَهُ مِنَ الشِّدَّةِ الَّتِي يَقَعُ فِيهَا.

  (س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «كَانَ يَكْرَهُ البُؤْسَ والتَّبَاؤُس» يَعْنِي عِنْدَ النَّاسِ. وَيَجُوزُ التَّبَؤُّس بِالْقَصْرِ وَالتَّشْدِيدِ.

  وَمِنْهُ فِي صِفَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ «إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنعَّموا فَلَا تَبْؤُسُوا» بَؤُسَ يَبْؤُسُ - بِالضَّمِّ فِيهِمَا - بَأْساً، إِذَا اشْتَدَّ حُزْنه. والمُبْتَئِس: الْكَارِهُ وَالْحَزِينُ.

  وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ ¥ «كُنَّا إِذَا اشْتَدَّ البَأْس اتَّقينا بِرَسُولِ اللَّه » يُرِيدُ الْخَوْفَ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا مَعَ الشِّدَّةِ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.

  (س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «نَهَى عَنْ كسْر السَّكة الْجَائِزَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا مِنْ بَأْس» يَعْنِي