النهاية في غريب الحديث والأثر،

ابن الأثير (المتوفى: 606 هـ)

(قبص)

صفحة 4 - الجزء 4

  وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ «إنْ مُنع قَبَّح وكَلَح» أَيْ قَالَ لَهُ: قَبَّح اللَّهُ وجْهَك.

(قَبَرَ)

  - فِيهِ «نَهى عَنِ الصَّلَاةِ فِي المَقْبُرة» هِيَ مَوْضِعُ دَفْن المَوْتَى، وتُضَمّ باؤُها وتُفْتَح.

  وَإِنَّمَا نَهَى عَنْهَا لاخْتِلاط تُرابها بصَديد المَوْتَى وَنَجَاسَاتِهِمْ، فَإِنْ صَلَّى فِي مَكَانٍ طَاهِرٍ مِنْهَا صحَّت صلاتُه.

  وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ» أَيْ لَا تَجعلوها لَكُمْ كالقُبُور، فَلَا تُصَلُّوا فِيهَا، لِأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا مَاتَ وَصَارَ فِي قَبْره لَمْ يُصَلّ، ويَشْهَد لَهُ قَوْلُهُ: «اجْعَلوا مِنْ صلاتِكم فِي بيوتِكم، وَلَا تَتَّخِذوها قُبُورا».

  وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا تَجعلوها كالمَقَابِر الَّتِي لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا، وَالْأَوَّلُ أوْجَه.

  (س) وَفِي حَدِيثِ بَنِي تَمِيمٍ «قَالُوا للحَجَّاج - وَكَانَ قَدْ صَلَب صَالِحَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - أَقْبِرْنا صالحِاً» أَيْ أمْكنَّا مِنْ دَفْنه فِي القَبْر. تَقُولُ: أَقْبَرْتُه إِذَا جَعَلتَ لَهُ قَبْرا، وقَبَرْتُه إِذَا دَفَنْتَه.

  (هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ الدجَّالَ وُلِدَ مَقْبُورا - أَرَادَ وَضَعَتْه أمُّه وَعَلَيْهِ جِلْدة مُصْمَتَة لَيْسَ فِيهَا نَقْب⁣(⁣١) - فَقَالَتْ قابِلَتُه: هَذِهِ سِلْعَة وَلَيْسَ وَلَداً، فَقَالَتْ أمُّه: فِيهَا وَلَدٌ وَهُوَ مَقْبور [فِيهَا]⁣(⁣٢) فشَقُّوا عَنْهُ⁣(⁣٣) فاستَهَلَّ».

(قَبَسَ)

  (س) فِيهِ «مَنِ اقْتَبَسَ عِلْماً مِنَ النُّجوم اقْتَبَسَ شُعْبةً مِنَ السِّحْر» قَبَسْتُ العلْمَ واقْتَبَسْتُه إِذَا تَعلَّمْتَه. والقَبَس: الشُّعْلةُ مِنَ النَّارِ، واقْتِبَاسُها: الأخْذُ مِنْهَا.

  وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «حَتَّى أوْرَى قَبَسا لِقَابِس» أَيْ أظْهَر نُوراً مِنَ الْحَقِّ لطالبِه. والقابِس:

  طالبُ النَّارِ، وَهُوَ فاعلٌ مِنْ قَبَس.

  وَمِنْهُ حَدِيثُ العِرْباض «أتَيْناك زَائِرِينَ ومُقْتَبِسين» أَيْ طَالِبِي الْعِلْمِ.

  وَحَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ «فَإِذَا رَاحَ أَقْبَسْنَاه مَا سَمِعْنا من رسول الله ÷» أَيْ أعْلَمناه إيَّاه.

(قَبَصَ)

  (هـ) فِيهِ «أَنَّ عُمر أَتَاهُ وَعِنْدَهُ قِبْص مِنَ النَّاسِ» أَيْ عَدَدٌ كَثِيرٌ، وَهُوَ فِعل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، مِنَ القَبْص. يُقَالُ: إِنَّهُمْ لَفِي قِبْص الحَصَى.


(١) في الهروي: «ثقب» بالثاء المثلثة.

(٢) من الهروي، واللسان.

(٣) في الأصل: «عليه» وأثبتُّ ما في ا، واللسان، والهروي.