النهاية في غريب الحديث والأثر،

ابن الأثير (المتوفى: 606 هـ)

(غضض)

صفحة 371 - الجزء 3

(غَضَضَ)

  (هـ) فِيهِ «كَانَ إِذَا فَرِح غَضَّ طَرْفَه» أَيْ كَسَره وأطْرَق وَلَمْ يَفْتَح عيْنَه.

  وَإِنَّمَا كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِيَكُونَ أَبْعَدَ مِنَ الْأَشَرِ والمَرَح.

  وَمِنْهُ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمة «حُمَادَيَات النّسَاء غَضُّ الأطْراف» فِي قَوْلِ القُتَيْبيّ⁣(⁣١).

  وَمِنْهُ قَصِيدُ كَعْبٍ:

  وَمَا سُعادُ غَدَاةَ البَيْن إذْ رَحَلُوا ... إلاَّ أغَنُّ غَضِيض الطَّرْفِ مَكْحُولُ

  هُوَ فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ مِن الحَياءِ والخَفَر.

  وَحَدِيثُ العُطَاس «كَانَ إِذَا عَطَسَ غَضَّ صَوْتَه» أَيْ خَفَضَه وَلَمْ يرْفَعه بِصَيْحة.

  وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «لَوْ غَضَّ الناسُ فِي الوصِيَّة مِنَ الثُلُث» أَيْ لَوْ نَقَصُوا وحَطُّوا.

  (س) وَفِيهِ «مَن سَرَّه أَنْ يَقْرَأ الْقُرْآنَ غَضّاً كَمَا أُنْزل فَليَسْمَعْه مِنِ ابْنِ أُمِّ عَبْد» الغَضّ:

  الطَّرِيُّ الَّذِي لَمْ يَتَغَّيْر، أرادَ طَرِيقَه فِي الْقِرَاءَةِ وهَيْأتَه فِيهَا.

  وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْآيَاتِ الَّتِي سَمِعها مِنْهُ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ النِّساء إِلَى قَوْلِهِ {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ٤١}⁣[النساء].

  وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «هَلْ ينتَظِر أَهْلُ غَضَاضَة⁣(⁣٢) الشَّباب» أَيْ نَضَارتَه وطَراوَته.

  (س) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ «أنَّ رجُلا قَالَ: إنْ تَزّوجْت فُلانَة حَتَّى آكلَ الغَضِيض فَهِيَ طالِق» الغَضِيض: الطَّرِيّ، والمُراد بِهِ الطَّلْع. وَقِيلَ: الثَّمَر أَوّلَ مَا يَخْرُج.

(غَضْغَضَ)

  (هـ) فِيهِ «لمَّا مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْف قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: هَنيئا لَكَ خَرَجت مِنَ الدُّنيا بِبِطْنتِك لَمْ تَتَغَضْغَضْ مِنْهَا بِشَيْءٍ⁣(⁣٣)» يُقَالُ: غَضْغَضْتُه فتَغَضْغَضَ: أَيْ نقَصَتْهُ فنَقَص، يُريد أَنَّهُ لَمْ يَتَلَبَّس بِوِلَايَةٍ وَعَمَلٍ يَنْقُص أجْرَه الَّذِي وَجَبَ له. وقد تقدّم في الباء.


(١) انظر ص ١٢٠ من هذا الجزء.

(٢) رويت: «بضاضة» وسبقت.

(٣) كذا في الأصل والهروي. وفي ا، واللسان: «لم يتغضغض منها شيءٌ» وكأنهما روايتان، انظر ص ١٣٧ من الجزء الأول.