النهاية في غريب الحديث والأثر،

ابن الأثير (المتوفى: 606 هـ)

(وضن)

صفحة 199 - الجزء 5

  الْوَضَمُ:(⁣١) الْخَشَبَةُ أَوِ الْبَارِيَةُ الَّتِي يُوضَعُ عَلَيْهَا اللَّحْمُ، تَقيه مِنَ الْأَرْضِ.

  وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: «الوَضَم: [كلُّ]⁣(⁣٢) مَا وَقَيْتَ بِهِ اللَّحْمَ مِنَ الْأَرْضِ». أَرَادَ أنَّهُنّ فِي الضُّعف⁣(⁣٣) مثلُ ذَلِكَ اللَّحْمِ الَّذِي لَا يَمتَنع عَلَى أحدٍ إِلَّا أَنْ يُذَبَّ عَنْهُ ويُدْفَعَ.

  قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: إِنَّمَا خَصَّ اللحمَ عَلَى الوَضَم وشَبَّه بِهِ النِّسَاءَ؛ لأنَّ مِنْ عَادَةِ العَرب إِذَا نُحِر بَعيرٌ لِجَمَاعَةٍ يَقتَسمون لَحمه أَنْ يَقْلَعُوا شَجَراً⁣(⁣٤) ويُوضَمُ بعضُه عَلَى بَعْضٍ، ويُعَضَّى اللحمُ ويُوضَع عَلَيْهِ، ثُمَّ يُلْقَى لَحمُه عَنْ عُرَاقه، ويُقَطع عَلَى الْوَضَمِ، هَبْرًا لِلْقَسْمِ، وتُؤَجّج النَّارُ، فَإِذَا سَقَطَ جَمْرُهَا اشْتَوَى مَنْ حَضَرَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ⁣(⁣٥)، عَلَى ذَلِكَ الْجَمْرِ، لَا يُمْنَعُ مِنْهُ أَحَدٌ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْمُقَاسِمُ حَوَّلَ كلُّ واحدٍ قِسْمه عَنِ الوَضَم إِلَى بَيْتِه، وَلَمْ يَعْرِض لَهُ أَحَدٌ. فشَبَّه عُمر النِساءَ وقلَّةَ امتناعِهنّ عَلَى طُلابِهنّ من الرجال باللحم مادام عَلَى الوَضَم.

(وَضَنَ)

  - فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «إِنَّكَ لَقَلِقُ الوَضِين» الْوَضِينُ: بِطانٌ مَنْسُوج بعضُه عَلَى بَعْضٍ، يُشَدّ بِهِ الرَّحل عَلَى الْبَعِيرِ كالحِزَام للسَّرج. أَرَادَ أَنَّهُ سَرِيعُ الحَركة. يَصفه بالخِفَّة وقلَّة الثَّبات، كَالْحِزَامِ إِذَا كَانَ رِخْوا.

  (هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ:

  إلَيْكَ تَعْدُو قَلِقاً وَضِينُها

  أَرَادَ أَنَّهَا قَدْ هُزِلَتْ ودَقَّت للسَّير عَلَيْهَا.

  هَكَذَا أخْرجه الهَروِي والزَّمخشري عَنِ ابْنِ عُمَر. وأخْرَجه الطَّبرانيّ فِي «المُعْجَم» عَنْ سَالِم عَنْ أَبِيهِ: أنَّ رَسُولَ اللَّه أفاضَ مِنْ عَرفاتٍ وَهُوَ يَقول:

  إلَيْكَ تَعْدُو قَلِقاً وضِينُها


(١) هذا شرح الأصمعي، كما ذكر الهروي.

(٢) ليس في الفائق ٢/ ٤١١

(٣) هكذا بالضم فى الأصل، وفى ابالفتح. قال صاحب المصباح: «الضَّعْف، بفتح الضاد في لغة تميم. وبضمها في لغة قريش».

(٤) في الهروي: «شَجراً كثيراً».

(٥) في الهروي: «شُوَايةً بعد شواية».