النهاية في غريب الحديث والأثر،

ابن الأثير (المتوفى: 606 هـ)

(موبذ)

صفحة 369 - الجزء 4

بَابُ الْمِيمِ مَعَ الْوَاوِ

(مُوبَذٌ)

  - فِي حَدِيثِ سَطِيح «فَأرْسَلَ كِسْرَى إِلَى الْمُوبَذَانِ» الْمُوبَذَانُ للمَجُوس:

  كقاضِي القُضاة لِلْمُسْلِمِينَ، والْمُوبَذُ: كالقاضِي.

(مَوَتَ)

  - فِي دُعَاءِ الانْتِباه «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بعدَ مَا أَمَاتَنَا، وَإِلَيْهِ النُّشُورُ» سَمَّى النَّومَ مَوْتاً، لِأَنَّهُ يَزُولُ مَعَهُ العقلُ والحركةُ، تَمْثِيلًا وَتَشْبِيهًا، لَا تَحقيقاً.

  وَقِيلَ: الْمَوْتُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ يُطلق عَلَى السُّكُونِ. يُقَالُ: مَاتَتِ الرَّيحُ: أَيْ سَكَنَت.

  والْمَوْتُ يقعُ علَى أَنْوَاعٍ بحَسَب أنواعِ الحياةِ، فَمِنْهَا مَا هُوَ بإزَاءِ القُوّةِ النَّامِيَةِ الموجودة فى الحيوان والنّبات، كقوله تعالى: {يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}⁣[الروم: ٥٠].

  ومنها زوالُ القُوَّةِ الحِسِّيَّةِ، كقوله تعالى: {يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا}⁣[مريم: ٢٣].

  وَمِنْهَا زوالُ القُوَّةِ الْعَاقِلَةِ، وَهِيَ الجَهالة، كَقَوْلِهِ تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ}⁣[الأنعام: ١٢٢]

  و {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}⁣[النمل: ٨٠].

  وَمِنْهَا الحُزْنُ والخَوْف المكَدِّرُ للحياةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ}⁣[إبراهيم: ١٧].

  وَمِنْهَا المنَام كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا}⁣[الزمر: ٤٢].

  وَقَدْ قِيلَ: المنامُ: المَوْتُ الخفيفُ، والمَوْتُ: النَّومُ الثَّقيل.

  وَقَدْ يُسْتعارُ المَوْتُ للأحوالِ الشّاقَّةِ، كالفقرِ، والذُّلِّ، والسُّؤالِ، والْهَرَمِ، والْمعصِيَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.

  (س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أولُ مَنْ مَاتَ إِبْلِيسُ» لِأَنَّهُ أوّلُ مَنْ عَصَى.

  (س) وَحَدِيثُ مُوسَى # «قِيلَ لَهُ: إِنَّ هامَانَ قَدْ مَاتَ، فَلَقِيهُ، فسألَ رَبَّه، فَقَالَ لَهُ: أَمَا تَعْلَمُ أنَّ مَن أَفْقَرْتُه فَقدْ أَمَتُّهُ».

  (س) وَحَدِيثُ عُمَرَ «اللَّبَنُ لَا يَمُوتُ» أَرَادَ أَنَّ الصَّبيَّ إِذَا رَضَعَ امْرأةً مَيِّتَةً حَرُمَ عَلَيْهِ مِنْ ولَدِها وقَرَابَتِها مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ لَوْ كانتْ حَيَّةً وَقَدْ رَضِعها.