النهاية في غريب الحديث والأثر،

ابن الأثير (المتوفى: 606 هـ)

(فظظ)

صفحة 459 - الجزء 3

  وَأَرَادَ بِالْحَدِيثِ الإقْراع بَيْنَ ذَرارِيّ الْمُسْلِمِينَ فِي العَطاء. وَإِنَّمَا أنْكَره لِأَنَّ الإقْراع لتَفْضيل بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الفَرْض.

  وَمِنْهُ حَدِيثُ امْرَأَةِ رَافِعٍ، لَمَّا أسْلم وَلَمْ تُسْلم «فَقَالَ: ابْنَتِي وَهِيَ فَطِيم» أَيْ مَفْطُومَة.

  وفَعيل يَقع عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، فَلِهَذَا لَمْ تَلْحَقْه الْهَاءُ.

بَابُ الْفَاءِ مَعَ الظَّاءِ

(فَظَظَ)

  فِي حَدِيثِ عُمَرَ «أنتَ أَفَظُّ وأغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ » رَجُلٌ فَظٌّ: سيِّئ الخُلُق. وَفُلَانٌ أَفَظُّ مِنْ فُلَانٍ: أَيْ أصْعَب خُلُقًا وَأَشْرَسُ. وَالْمُرَادُ هَاهُنَا شِدّة الخُلُق وخُشُونة الجانِب، وَلَمْ يُرِد بِهِمَا الْمُبَالَغَةَ فِي الفَظَاظَة والغِلْظة بَيْنَهُمَا.

  وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا للمُفاضَلة، وَلَكِنْ فِيمَا يَجب مِنَ الإنْكار والغِلْظَة عَلَى أَهْلِ الْبَاطِلِ، فإن النبي كان رؤوفا رَحِيمًا كَمَا وصَفه اللَّهُ تَعَالَى، رَفِيقا بأمَّته فِي التَّبْليغ، غَيْرَ فَظٍّ وَلَا غَليظٍ.

  وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّ صِفَته فِي التَّوراة لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَليظٍ».

  وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «قَالَتْ لمَروان: أنْت فُظَاظَة مِنْ لَعْنة اللَّهِ» قَدْ تَقَدَّمَ بيانُه فِي الْفَاءِ وَالضَّادِ.

(فَظَعَ)

  فِيهِ «لَا تَحلُّ الْمَسْأَلَةُ إِلَّا لِذِي غُرْم مُفْظِع» المُفْظِع: الشَّدِيدُ الشَّنيُع، وَقَدْ أَفْظَعَ يُفْظِعُ فَهُوَ مُفْظِع. وفَظُعَ الْأَمْرُ فَهُوَ فَظِيع.

  (س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَمْ أرَ مَنْظَراً كَالْيَوْمِ أَفْظَع» أَيْ لَمْ أرَ مَنْظرا فَظِيعاً كَالْيَوْمِ.

  وَقِيلَ: أَرَادَ لَمْ أرَ مَنْظرا أَفْظَع مِنْهُ، فحذَفها، وَهُوَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَثِيرٌ.

  (س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَمَّا أُسْرِيَ بِي وأصْبحْتُ بِمَكَّةَ فَظِعْتُ بأمْري» أَيِ اشْتَدَّ عليَّ وهِبْتُه.

  وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أُرِيت أَنَّهُ وُضِع فِي يَدَيّ سِواران مِنْ ذَهب ففَظِعْتُهُما» هَكَذَا رُوي مُتَعدِّيا حَمْلا عَلَى الْمَعْنَى، لِأَنَّهُ بِمَعْنَى أكْبَرْتُهما وخِفْتُهما. وَالْمَعْرُوفُ: فَظِعْتُ بِهِ أَوْ منه.