النهاية في غريب الحديث والأثر،

ابن الأثير (المتوفى: 606 هـ)

(صفق)

صفحة 38 - الجزء 3

  مُقَاِبَلُهم. يُقَالُ: صَفَّ الجيشَ يَصُفُّهُ صَفّاً، وصَافَّهُ فَهُوَ مُصَافّ، إِذَا رَتْبَ صُفُوفَه فِي مُقَابِل صُفُوفِ الْعَدُوِّ. والمَصَافّ - بِالْفَتْحِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ - جَمْعُ مَصَفّ، وَهُوَ مَوْضِعُ الحَرْب الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الصُّفُوف. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.

  وَفِي حَدِيثِ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ «كَأَنَّهُمَا حِزْقان مِنْ طَيْر صَوَافَّ» أَيْ بَاسِطَاتٍ أجْنِحَتَهَا فِي الطَّيَران. والصَّوَافُّ: جَمْعُ صَافَّة.

(صَفِقَ)

  (هـ) فِيهِ «إِنَّ أكْبَر⁣(⁣١) الْكَبَائِرِ أَنْ تُقَاتِل أَهْلَ صَفْقَتِكَ» هُوَ أَنْ يُعْطَى الرجلُ الرجلَ عَهده وميثاقَه، ثُمَّ يقاتلَه، لِأَنَّ المُتَعَاهِدَين يَضَعُ أحدُهما يَدَه فِي يَدِ الْآخَرِ، كَمَا يَفْعَلُ المُتَبايعان، وَهِيَ المرَّة مِنَ التَّصْفِيق باليَدَينِ.

  وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ ® «أعطاهُ صَفْقَةَ يَدِه وثمرةَ قَلْبِه».

  وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَلْهاهُم الصَّفْقُ بالأسْواق» أَيِ التَّبايُع.

  (هـ) وَحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ ® «صَفْقَتَانِ فِي صَفْقَةِ رباً» هُوَ كَحَدِيثِ «بَيْعَتَين فِي بَيْعة». وَقَدْ تقدَّم فِي حَرْفِ الْبَاءِ.

  (س) وَفِيهِ «أنَه نَهَى عَنِ الصَّفْق والصَّفير» كَأَنَّهُ أرادَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً}⁣[الأنفال: ٣٥] كَانُوا يُصَفِّقُون ويُصَفِرُونَ لِيَشْغَلوا النَّبِيَّ والمُسْلِمين فِي الْقِرَاءَةِ وَالصَّلَاةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أرادَ الصَّفْق عَلَى وجْه اللَّهو واللَّعب.

  (هـ) وَفِي حَدِيثِ لُقْمَانَ «صَفَّاق أَفَّاق» هُوَ الرجُل الكَثِيْرُ الأسْفَار والتَصَرُّف⁣(⁣٢) عَلَى التِّجَارَاتِ. والصَّفْق والأفْقُ قَرِيبٌ⁣(⁣٣) مِنَ السَّواء. وَقِيلَ الأفّاقُ مِنْ أُفقِ الأرْض:

  أَيْ نَاحِيَتِها.

  (س) وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ¥ «إِذَا اصْطَفَقَ الآفاقُ بالبَياضِ» أَيِ اضْطَرب وَانْتَشَرَ الضَّوُء، وَهُوَ افتَعَل، مِنَ الصَّفْق، كَمَا تَقُولُ اضْطَرب المَجْلس بالقَوْم.


(١) هكذا في كل المراجع - وفي الدر النثير فقط «إنَّ مِن أكْبَر الكَبَائِر ..».

(٢) في اللسان والهروي: ... في التّجارات.

(٣) في اللسان والهروي: قريبان.