النهاية في غريب الحديث والأثر،

ابن الأثير (المتوفى: 606 هـ)

(زكا)

صفحة 307 - الجزء 2

  (س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ أَبَا جَهْل قَالَ: إنّ محمدا يخوّفنا شحرة الزَّقُّومِ، هَاتُوا الزُّبْد والتَّمر وتَزَقَّمُوا» أَيْ كُلُوا. وَقِيلَ أَكْلُ الزُّبْدِ وَالتَّمْرِ بِلُغَةٍ إفْريقية: الزَّقُّوم.

(زَقَا)

  فِي حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ «أَنْتَ أَثْقَلُ مِنَ الزَّوَاقِي» هِيَ الدِّيَكَةُ، وَاحِدُهَا زَاقٍ يُقَالُ: زَقَا يَزْقُو إِذَا صاحَ. وَكُلُّ صَائِحٍ زَاقٍ. يُرِيدُ أَنَّهَا إِذَا زَقَتْ سَحَرًا تفرَّق السُّمَّارُ والأحْبابُ.

  ويُروى: أَثْقَلُ مِنَ الزَّاووق، وسيَجِئ.

بَابُ الزَّايِ مَعَ الْكَافِ

(زَكَتَ)

  (س) فِي صِفَةِ عَلِيٍّ ¥ «أَنَّهُ كَانَ مَزْكُوتاً» أَيْ مَمْلوءاً عِلْمًا، مِنْ قَوْلِهِمْ زَكَتُّ الْإِنَاءَ إِذَا ملأتَه، وزَكَتُّهُ الْحَدِيثَ زَكْتاً إِذَا أَوْعَاهُ إياهُ. وَقِيلَ: أَرَادَ كَانَ مَذَّاءً، مِنَ المَذْى.

(زَكَنَ)

  (س) فِي ذِكْرِ إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَاضِي الْبَصْرَةِ، يُضرب بِهِ المَثلُ فِي الذَّكَاء، قَالَ بعضُهم «أَزْكَنُ مِنْ إِيَاسٍ» الزَّكْنُ والْإِزْكَانُ: الفِطْنة، والحدْسُ الصَّادق. يُقَالُ زَكَنْتُ مِنْهُ كَذَا زَكْناً وزَكَانَةً، وأَزْكَنْتُهُ.

(زَكَا)

  (هـ) قَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذكْر «الزَّكَاة والتَّزْكِيَة» وَأَصْلُ الزَّكَاةِ فِي اللُّغة الطَّهارةُ والنَّماءُ والبركَةُ والمدحُ، وكُلُّ ذَلِكَ قَدِ اسُتْعمل فِي القُرآن وَالْحَدِيثِ، وَوَزْنُهَا فَعَلَة كالصَّدقَة، فَلَمَّا تحرَّكت الْوَاوُ وانْفتَح مَا قَبْلَهَا انقلبَتَ ألِفاً، وَهِيَ مِنَ الْأَسْمَاءِ المُشْتركة بَيْنَ المُخْرَج والفِعْل، فُتطلَق عَلَى العَين، وَهِيَ الطَّائفَة مِنَ الْمَالِ الْمُزَكَّى بِهَا، وَعَلَى المَعنى، وهو التَّزْكِيَةُ.

  ومن الجهل بهذ الْبَيَانِ أتِىَ مَن ظَلَم نفسَه بالطَّعن عَلَى قوله تعالى {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ٤}⁣[المؤمنون]

  ذَاهِبًا إِلَى العَين، وَإِنَّمَا المُرادُ المَعْنى الَّذِي هُوَ التَّزْكية، فالزَّكَاةُ طُهرةٌ للأمْوال، وزَكَاةُ الفِطْر طُهَرةٌ للأبْدان.

  وَفِي حَدِيثِ زَيْنَبَ «كَانَ اسْمُهَا برَّةَ، فَغَيَّرَهُ، وَقَالَ: تُزَكِّي نَفْسها!» زَكَّى الرَّجُلُ نفسَه إِذَا وَصَفَهَا وَأَثْنَى عَلَيْهَا.