النهاية في غريب الحديث والأثر،

ابن الأثير (المتوفى: 606 هـ)

(حرث)

صفحة 359 - الجزء 1

  وَمِنْهُ حَدِيثُ الْأَعْشَى الحِرْمازِي:

  فخَلَّفَتْنِي بِنزَاعٍ وحَرَب

  أَيْ بخُصُومة وغَضَب.

  وَمِنْهُ حَدِيثُ الدَّيْن «فَإِنَّ آخِرَه حَرَب» ورُوي بالسُّكون: أَيِ النِّزاع. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ.

  وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ الزُّبَيْرِ ¥ عِند إحْرَاقِ أهْل الشَّام الكَعْبة «يُريدُ أَنْ يُحَرِّبَهُمْ» أَيْ يَزيد فِي غَضَبِهم عَلَى مَا كَانَ مِنْ إحْرَاقِها. حَرَّبْتُ الرجُل بِالتَّشْدِيدِ: إِذَا حَمْلَته عَلَى الغَضَب وعَرَّفْتَه بِمَا يَغْضَب مِنْهُ. ويُروى بِالْجِيمِ وَالْهَمْزَةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ.

  (هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ بَعث عُروة بْنَ مَسْعُودٍ إِلَى قَومه بِالطَّائِفِ، فأتاهُم ودَخَل مِحْرَاباً لَه، فأشْرَف عَلَيْهِمْ عنْد الفَجْر ثُمَّ أذَّن للصَّلاة» المِحْرَابُ: المَوْضع العَالي المُشْرِفُ، وهُو صَدْر المَجْلس أَيْضًا، وَمِنْهُ سُمّي مِحْرَاب المسْجد، وَهُوَ صَدْرُه وأشْرَف مَوْضِع فِيهِ.

  (هـ) وَمِنْهُ حديث أنس ¥ «أنه كان يَكْره المَحَارِيب» أَيْ لَمْ يَكُن يُحِبُّ أَنْ يَجْلِس فِي صَدْر الْمَجْلِسِ ويتَرَفَّع عَلَى النَّاس. والمَحَارِيب: جَمْع مِحْرَاب.

  وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ¥ «فَابْعَثْ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِحْرَاباً» أَيْ مَعْرُوفًا بالحَرْب عَارِفاً بِهَا وَالْمِيمُ مَكْسُورَةٌ، وَهُوَ مِنْ أبْنيَة المُبَالَغَة، كالمِعْطَاء مِن العَطاء.

  وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ⁣(⁣١) «قَالَ فِي عَلِيٍّ ¤: مَا رأيْتُ مِحْرَاباً مثْلَه».

  وَفِي حَدِيثِ بَدْر «قَالَ الْمُشْرِكُونَ: اخْرُجُوا إِلَى حَرَائِبِكُمْ» هَكَذَا جَاءَ فِي بَعْضِ الرّوايَات بِالْبَاءِ الموحَّدة، جَمْعُ حَرِيبَة، وَهُوَ مَالُ الرَّجُلِ الَّذِي يَقُومُ بِهِ أمْرُه. والمعْرُوف بِالثَّاءِ المثَلثة. وَسَيُذْكَرُ

(حَرَثَ)

  (هـ) فِيهِ «احْرُثْ لدُنْيَاك كأنَّك تَعِيش أَبَدًا، واعملْ لآخِرَتِك كَأَنَّكَ تَمُوت غَداً» أَيِ اعْمَل لدُنْياكَ، فخالَفَ بَيْنَ اللفْظَيْن. يُقَالُ حَرَثْتُ واحْتَرَثْتُ. وَالظَّاهِرُ مِنْ مَفْهُوم لفظِ هَذَا الْحَدِيثِ: أمَّا فِي الدُّنْيَا فَلِلْحثِّ عَلَى عِمارتها وَبَقَاءِ النَّاسِ فِيهَا حَتَّى يَسْكُن فِيهَا ويَنْتَفع بِهَا مَنْ يَجيء بَعْدَكَ، كَمَا انْتَفَعْت أَنْتَ بعَمَل مَنْ كَانَ قَبْلَكَ وسَكَنْتَ فِيمَا عَمَرَه، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا عَلم أَنَّهُ يَطُول عُمْرُه أحْكَم مَا يَعمَلُه وحَرصَ عَلَى مَا يَكْسِبُه، وَأَمَّا فِي جانِب الْآخِرَةِ فإنه حَثٌّ على إخلاص العمل،


(١) في ا: ابن مسعود.