النهاية في غريب الحديث والأثر،

ابن الأثير (المتوفى: 606 هـ)

(ربس)

صفحة 184 - الجزء 2

(رَبَسَ)

  (س) فِيهِ «إنَّ رجُلا جَاءَ إِلَى قُرَيْشٍ فَقَالَ: إِنَّ أَهْلَ خَيْبر أسَرُوا مُحَمَّدًا وَيُرِيدُونَ أَنْ يُرْسِلُوا بِهِ إِلَى قَوْمِهِ لِيَقْتُلُوهُ، فجعَل الْمُشْرِكُونَ يُرْبِسُونَ بِهِ العبَّاس» يَحتمل أَنْ يَكُونَ مِنَ الْإِرْبَاسِ وَهُوَ المُراغَمة: أَيْ يُسْمِعونه مَا يُسْخِطه ويَغِيظُه. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ جَاءُوا بأمورٍ رُبْسٍ: أَيْ سُود، يَعْنِي يَأْتُونَهُ بداهِية. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الرَّبِيسِ وَهُوَ المُصاب بمالٍ أَوْ غَيْرِهِ: أَيْ يُصِيبون العبَّاس بِمَا يَسُوءه.

(رَبَصَ)

  فِيهِ «إِنَّمَا يُريد أنْ يَتَرَبَّصَ بِكُمُ الدَّوائر» التَّرَبُّصُ: المُكْث والانْتِظار. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.

(رَبَضَ)

  (هـ) فِي حَدِيثِ أُمِّ مَعْبَدٍ «فدَعا بإناءٍ يُرْبِضُ الرَّهْط» أَيْ يُرْوِيهِمْ وَيُثْقِلُهُمْ حَتَّى يَنَامُوا وَيَمْتَدُّوا عَلَى الْأَرْضِ. مِن رَبَضَ فِي الْمَكَانِ يَرْبِضُ إِذَا لَصِقَ بِهِ وَأَقَامَ مُلازِماً لَهُ. يُقَالُ أَرْبَضَتِ الشمسُ إِذَا اشتَدّ حرُّها حَتَّى تَرْبِضَ الوحشُ فِي كِنَاسِها. أَيْ تَجْعَلُها تَرْبِضُ فِيهِ. ويُروى بِالْيَاءِ. وَسَيَجِيءُ.

  (هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ بَعث الضَّحّاك بنَ سُفيان إِلَى قَوْمه وَقَالَ: إِذَا أَتَيْتَهُم فَارْبِضْ فِي دارِهم ظَبْياً» أَيْ أقِمْ فِي دَارِهم آمِنًا لَا تَبْرحْ، كَأَنَّكَ ظبيٌ فِي كِنَاسِه قدْ أمِن حَيْثُ لَا يَرى إنْسِيًّا.

  وَقِيلَ المعنَى أَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يأتِيَهُم كالمُتوحِّش؛ لِأَنَّهُ بَيْن ظَهْرانَيِ الكَفَرة، فمَتى رابَه مِنْهُمْ رَيْب نَفَر عَنْهُمْ شارِداً كَمَا يَنْفِر الظَّبيُ.

  (س) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «فَفَتَحَ الْبَابَ فَإِذَا شِبْه الفَصِيل الرَّابِض» أَيِ الْجَالِسِ الْمُقِيمِ.

  وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَرَبْضَة العَنْز» ويُروى بكسْر الرَّاءِ: أَيْ جُثَّتها إِذَا برَكَت.

  (س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّهُ رَأى قُبَّة حَوْلها غَنَمٌ رُبُوضٌ» جَمْعُ رَابِضٍ.

  وَحَدِيثُ عَائِشَةَ «رَأَيْتُ كَأَنِّي عَلَى ظَرِبٍ وحَوْلي بَقَرٌ رُبُوضٌ».

  (س) وَحَدِيثُ مُعَاوِيَةَ «لَا تَبْعَثُوا الرَّابِضِينَ التُّرك والحبَشَة» أَيِ المُقِيمين السَّاكنين، يريد لا تهيّجوهم عليكم ماداموا لَا يَقْصدُونَكم.

  (س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «الرَّابِضَةُ مَلَائِكَةٌ أُهْبِطوا مَعَ آدَمَ يَهْدُون الضُّلاَّل» ولعَلَّه مِنَ الْإِقَامَةِ أَيْضًا. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الرَّابِضَةُ: بَقِيَّة حَمَلة الحُجَّة، لَا تَخْلُو مِنْهُمُ الْأَرْضُ. وَهُوَ فِي الحديث.