النهاية في غريب الحديث والأثر،

ابن الأثير (المتوفى: 606 هـ)

(كلأ)

صفحة 194 - الجزء 4

بَابُ الْكَافِ مَعَ اللَّامِ

(كَلَأَ)

  (هـ) فِيهِ «أَنَّهُ نَهَى عَنِ الكَالِئ بالكالِئ» أَيْ النَّسيئة بالنَّسيئة. وَذَلِكَ أَنْ يَشْتريَ الرَّجل شَيْئًا إِلَى أجَل، فَإِذَا حَلَّ الأجَلُ لَمْ يَجِد مَا يَقْضِي بِهِ⁣(⁣١)، فَيَقُولُ: بِعْنيه إِلَى أجَلٍ آخَرَ، بِزِيَادَةِ شَيْءٍ، فيَبِيعهُ مِنْهُ وَلَا يَجْرِي بَيْنَهُمَا تَقَابُضٌ. يُقَالُ: كَلَأَ الدَّيْنَ كُلُوءاً فَهُوَ كالِئ، إِذَا تأخَّر.

  وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: «بَلَغ اللهُ بِكَ أَكْلَأَ العُمْر» أَيْ أطْوَله وأكَثره تَأخُّراً. وكَلَأْتُه إِذَا أَنْسَأْتَهُ.

  وَبَعْضُ الرُّوَاةِ لَا يَهْمِزُ «الكالِئ» تَخْفِيفًا.

  (س) وَفِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لِبِلَالٍ وَهُمْ مُسافِرون: اكْلَأْ لَنَا وَقْتَنا» الكِلَاءة: الحِفْظُ والحِراسة.

  يُقَالُ: كَلَأْتُه أَكْلَؤُهُ كِلَاءةً، فَأَنَا كالِئٌ، وَهُوَ مَكْلُوءٌ، وَقَدْ تُخَفَّف هَمْزَةُ الْكِلَاءَةِ، وتُقْلَب يَاءً.

  وَقَدْ تَكَرَّرَتْ فِي الْحَدِيثِ.

  [هـ] وَفِيهِ «لَا يُمْنَع فَضْلُ الماءِ ليُمْنَع بِهِ الكَلَأ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَضْلُ الكَلَأ» الكَلَأ: النَّبات والعُشْب، وسَواءٌ رَطْبُه ويابِسُه. وَمَعْنَاهُ أنَّ البِئر تَكُونُ فِي البادِية وَيَكُونُ قَرِيبًا مِنْهَا كَلَأ؛ فَإِذَا وَرَد عَلَيْهَا وارِدٌ فَغَلب عَلَى مَائِهَا ومَنَع مَن يَأْتِي بَعْدَهُ مِنَ الاسْتِقاء مِنْهَا⁣(⁣٢)، فَهُوَ بِمَنْعِه الماءَ مانعٌ مِنَ الكَلأ؛ لِأَنَّهُ مَتى وَرَدَ رجُلٌ بإبِله⁣(⁣٣) فأرْعاها ذَلِكَ الكَلأ ثُمَّ لَمْ يَسْقِها قَتَلها العَطَش. فَالَّذِي يَمْنَعُ مَاءَ البِئر يَمْنع النَّباتَ القريبَ مِنْهُ.

  (هـ) وَفِيهِ «مَن مَشَى عَلَى الكَلَّاءِ قَذَفْناه فِي الْمَاءِ» الكَلَّاء بالتشديد والمَدّ، والمُكَلَّأ:

  شاطئ النَّهر وَالْمَوْضِعُ الَّذِي تُرْبَط فِيهِ السُّفن. وَمِنْهُ «سُوق الكَلَّاء» بالبَصْرة.

  وَهَذَا مَثَل ضَرَبه لِمَنْ عَرّض بالقَذْف. شَبَّهَهُ فِي مُقَارَبَتِهِ التَّصْرِيحَ بِالْمَاشِي عَلَى شَاطِئِ النَّهر، وإلْقاؤه فِي الْمَاءِ: إِيجَابُ القَذْف عَلَيْهِ وإلْزامُه بِالْحَدِّ».

  وَمِنْهُ حَدِيثُ أَنَسٍ وذَكَر البَصْرة «إيَّاك وسِباخَها وكَلاءَها».


(١) في الهروي: «منه».

(٢) في الهروي: «بها».

(٣) في الأصل: «لأنه متى ورد عليه رجل بإبله» والمثبت من ا، واللسان. والذي في الهروي: «لأنه متى ورد الرجل بإبله».

(٤) في الهروي: «وإلزامه الحدَّ».