النهاية في غريب الحديث والأثر،

ابن الأثير (المتوفى: 606 هـ)

(عضا)

صفحة 255 - الجزء 3

  وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «إيَّاكم والعِضَةَ» قَالَ الْخَطَّابِيُّ، قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: «أصلُها العِضْهَة، فِعْلة، مِنَ العَضْه، وَهُوَ الْبَهْتُ، فَحُذِفَتْ لامُه كَمَا حُذفت مِنَ السَّنة والشَّفَة، وتُجمع عَلَى عِضِينَ.

  يُقَالُ: بَيْنَهُمْ عِضَةٌ قبيحةٌ مِنَ العَضِيهَة».

  (س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَن تَعزَّى بعَزَاء الجاهِليَّة فاعْضَهُوه» هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ: أَيِ اشْتِمُوه صَرِيحًا، مِنَ العَضِيهَة: البَهْت.

  (هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ لعَنَ العَاضِهَة، والمُسْتَعْضِهَة» قِيلَ: هِيَ السَّاحرَة والمُسْتَسْحِرَة، وسُمّي السِّحْرُ عَضْهاً لِأَنَّهُ كَذِب وتَخْييلٌ لَا حقيقةَ لَهُ.

  (س) وَفِيهِ «إِذَا جئتُم أُحُداً فكُلوا مِنْ شَجَره، وَلَوْ مِنْ عِضَاهِه» العِضَاه: شَجَرُ أُمِّ غَيْلان. وَكُلُّ شَجَر عَظيم لَهُ شَوْك، الواحدةُ: عِضَة بِالتَّاءِ، وأصلُها عِضَهَة. وَقِيلَ واحِدته: عِضَاهَة.

  وعَضَهْتُ العِضَاه إِذَا قَطَعْتها.

  (س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَا عُضِهَتْ عِضَاه إِلَّا بِتَرْكِهَا التَّسْبيح».

  (س) وَفِي حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ «حَتَّى إنَّ شِدْقَ أحَدِهم بمَنْزلة مِشْفَر البَعِير العَضِه» هُوَ الَّذِي يأكُل العِضَاه. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يشتكِي مِنْ أكْل العِضَاه. فأمَّا الَّذِي يأكُل العِضَاه فَهُوَ العَاضِه.

(عَضَا)

  [هـ] فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ٩١}⁣[الحجر]

  أَيْ جَزَّأُوه أجْزاء»⁣(⁣١)، عِضِين: جَمْعُ عِضَة، مِنْ عَضَّيْتُ الشَّيْءَ إِذَا فَرَّقْته وجَعَلتَه أَعْضَاء.

  وَقِيلَ: الأصلُ: عِضْوَة، فحُذِفَت الواوُ وجُمعَت بِالنُّونِ، كَمَا عمِل فِي عِزِين⁣(⁣٢) جَمْعُ عِزْوَة.

  وفسَّرها بعضُهم بالسِّحر، من العَضْه والعَضِيهة⁣(⁣٣).


(١) الذي في الهروي: «قال ابن عباس: آمنوا ببعض وكفروا ببعض».

(٢) الذي في الهروي: «... في جمع عِزْةَ، والأصل: عِزْوَة».

(٣) قال الهروي: «ومن ذهب به إلى هذا التأويل جعل نقصانه الهاء الأصلية وأبقيت هاء العلامة، وهي التأنيث، كما قالوا: شَفَةٌ، والأصل: شَفَهَةٌ، وكما قالوا: سَنَةٌ، والأصل: سَنَهَةٌ».