النهاية في غريب الحديث والأثر،

ابن الأثير (المتوفى: 606 هـ)

(أبض)

صفحة 15 - الجزء 1

  فَجَعَلَ الْمُشْرِكُونَ يُؤَبِّسُونَ بِهِ العباسَ» أَيْ يُعَيّرونه. وَقِيلَ يُخَوِّفُونَهُ. وَقِيلَ يُرْغِمونه. وَقِيلَ يُغْضبُونه وَيَحْمِلُونَهُ عَلَى إغْلاظ الْقَوْلِ لَهُ. يُقَالُ: أَبَسْتُهُ أَبْساً وأَبَّسْتُهُ تَأْبِيساً.

(أَبَضَ)

  (س) فِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ بَالَ قَائِمًا لِعلَّة بِمَأْبِضَيْهِ» المَأْبِضُ:

  باطِن الرُّكْبة هَاهُنَا، وَهُوَ مِنَ الإِبَاض. الحَبْل الَّذِي يُشَدُّ بِهِ رسغُ البَعير إِلَى عَضُده. والمَأْبِضُ مَفْعِلٌ مِنه:

  أَيْ مَوْضِعُ الْإِبَاضِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: إِنَّ الْبَوْلَ قَائِمًا يَشْفي مِنْ تِلْكَ العلَّة. وَسَيَجِيءُ فِي حَرْفِ الْمِيمِ.

(أبَطَ)

  - فِيهِ «أمَا وَاللَّهِ إِنَّ أحَدَكم ليَخْرُجَ بِمَسْأَلَتِهِ مِنْ عِنْدِي يَتَأَبَّطُهَا» أَيْ يَجْعَلُهَا تَحْتَ إِبْطِهِ (هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ «كَانَتْ رِدْيَتُهُ التَّأَبُّطَ» هُوَ أَنْ يُدخِل الثَّوْبَ تَحْتَ يَدِهِ الْيُمْنَى فَيُلْقيَه عَلَى مَنْكِبه الْأَيْسَرِ.

  (هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَمرو بْنِ الْعَاصِ «أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا تَأَبَّطَتْنِي الْإِمَاءُ» أَيْ لَمْ يَحْضنَّني ويَتَوَلَّيْنَ تَرْبِيَتي.

(أبقَ)

  - فِيهِ «أَنَّ عَبْدًا لِابْنِ عُمَرَ أَبَقَ فَلَحِقَ بِالرُّومِ» أَبَقَ الْعَبْدُ يَأْبَقُ ويَأْبِقُ إِبَاقاً إِذَا هَرَبَ، وتَأَبَّقَ إِذَا اسْتَتَرَ. وَقِيلَ احْتَبَسَ. وَمِنْهُ حَدِيثُ شُرَيح «كَانَ يَرُدّ العبدَ مِنَ الإِبَاقِ البَاتّ» أَيِ الْقَاطِعِ الَّذِي لَا شُبْهَةَ فِيهِ. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الْإِبَاقِ فِي الْحَدِيثِ.

(أَبَلَ)

  (س) فِيهِ «لَا تَبِعِ الثَّمَرَةَ حَتَّى تَأْمَنَ عَلَيْهَا الأُبْلَة» الأُبْلَة بِوَزْنِ الْعُهْدَةِ⁣(⁣١): الْعَاهَةُ وَالْآفَةُ. وَفِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ يَعْمَر «كُلُّ مالٍ أُدِّيَتْ زَكَاتَهُ فَقَدْ ذَهَبَتْ أَبَلَتُهُ» وَيُرْوَى «وبَلَتُهُ» الأَبَلَة - بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْبَاءِ - الثِّقَلُ والطّلِبة. وَقِيلَ هُوَ مِنَ الْوَبَالِ، فَإِنْ كَانَ مِنَ الْأَوَّلِ فَقَدْ قُلِبَتْ هَمْزَتُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَاوًا، وَإِنْ كَانَ مِنَ الثَّانِي فَقَدْ قُلِبَتْ وَاوُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى هَمْزَةً.

  (س) وَفِيهِ «النَّاسُ كإبِلٍ مائةٍ لَا تَجِدُ فِيهَا راحلَةً» يَعْنِي أَنَّ المَرْضِيَّ الْمنتَجَب مِنَ النَّاسِ فِي عِزَّةِ وُجُودِهِ كالنّجِيبِ مِنَ الإبِلِ الْقَوِيِّ عَلَى الْأَحْمَالِ وَالْأَسْفَارِ الَّذِي لَا يُوجَدُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْإِبِلِ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ:

  الَّذِي عِنْدِي فِيهِ أَنَّ اللَّهَ ذَمَّ الدُّنْيَا وَحَذَّرَ الْعِبَادَ سوءَ مَغبَّتِها، وَضَرَبَ لَهُمْ فِيهَا الْأَمْثَالَ لِيَعْتَبِرُوا وَيَحْذَروا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ}⁣[يونس: ٢٤] الْآيَةَ. وَمَا أَشْبَهَهَا مِنَ الْآيِ. وَكَانَ النَّبِيُّ


(١) جاء في اللسان: رأيت نسخة من نسخ النهاية، وفيها حاشية، قال: «قول أبى موسى: الأبلة - بوزن العهدة -: وهم»، وصوابه «الأبلة - بفتح الهمزة والباء - كما جاء في أحاديث أخر».