النهاية في غريب الحديث والأثر،

ابن الأثير (المتوفى: 606 هـ)

(هرس)

صفحة 259 - الجزء 5

  الكَلْب مَثَلا، إذْ كَانَ مِنْ طَبْعَه أَنْ يَهِرَّ دُونَ أهْلِه ويَذُبَّ عَنْهُمْ. يُريد أنَّ الجهَاد والشَّجاعَة ليْسَا بمِثْل الْقِرَاءَةِ والصَّدقَة. يُقال: هَرَّ الكلبُ يَهِرُّ هَرِيراً، فَهُوَ هَارٌّ وهَرَّارٌ، إِذَا نَبَحَ وكَشَر عَنْ أنْيابه. وَقِيلَ: هُوَ صَوْتُه دُونَ نُباحه.

  (س) وَمِنْهُ حَدِيثُ شُرَيح «لَا أعْقِل الكَلْبَ الْهَرَّارَ» أَيْ إِذَا قَتَل الرجُلُ كَلْبَ آخَر لَا أوجِبُ عَلَيْهِ شَيْئًا إِذَا كَانَ نَبَّاحاً؛ لأنهُ يُؤذِي بنُبَاحِه.

  (س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي الْأَسْوَدِ «الْمَرْأَةُ الَّتِي تُهَارُّ زُوْجَها» أَيْ تَهِرُّ فِي وَجْهه كَمَا يَهِرُّ الكلبُ.

  وَمِنْهُ حَدِيثُ خُزَيْمَة «وَعَادَ لَها المَطِيُّ هَارّاً» أَيْ يَهِرُّ بَعْضُها فِي وَجْه بَعْضٍ مِنَ الجَهْد.

  وَقَدْ يُطْلَق الْهَرِيرُ عَلَى صَوْت غَير الكَلْب.

  وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إنِّي سَمْعتُ هَرِيراً كَهَرِير الرَّحا» أَيْ صَوْتَ دَوَرَانها.

(هَرَسَ)

  (هـ) فِيهِ «أنَّه عَطِشَ يَوْم أُحد، فَجاءه عَلِيٌّ بِمَاء مِنَ الْمِهْرَاسِ، فَعافَه وغَسَل بِهِ الدَّمَ عَنْ وَجْهِه» الْمِهْرَاسُ: صَخْرة مَنْقُورَة تَسَع كَثيِرا مِن المَاء، وَقَدْ يُعْمَل مِنْهَا حِياضٌ لِلماء.

  وَقِيلَ: الْمِهْرَاسُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: اسْم ماءٍ بأحُدٍ. قَالَ⁣(⁣١).

  وقَتِيلاً بِجانِبِ المِهْراسِ

  (هـ) وَمِنَ الْأَوَّلِ «أَنَّهُ مَرَّ بِمِهْرَاسٍ يَتَجاذَوْنَه⁣(⁣٢)» أَيْ يَحْملونَه ويَرْفَعُونه.

  وَحَدِيثُ أَنَسٍ «فَقُمْتُ إِلَى مِهْراسٍ لَنا فَضَربْتُه بأسْفَله حتى تَكَسَّرتْ».


(١) هو شبل بن عبد الله، مولى بني هاشم يذكر حمزة بن عبد المطلب، وكان دُفن بالمهراس. وصدر البيت:

واذكُرُوا مَصْرعَ الحسينِ وزَيْدٍ

الكامل، للمبرد، ص ١١٧٨. ونسب ياقوت في معجم البلدان ٤/ ٦٩٧ هذا الشعر لسُدَيف بن ميمون: والرواية عنده:

واذْكُرَنْ مقتل الحسين وزَيْد

(٢) في الأصل، وا: «يتحاذونه» بالحاء المهملة. وصححته بالمعجمة من الهروي، واللسان، ومما سبق في مادة (جذا).