النهاية في غريب الحديث والأثر،

ابن الأثير (المتوفى: 606 هـ)

(فنع)

صفحة 475 - الجزء 3

  الكَذِب. وأَفْنَدَ: تَكلم بالفَنَد. ثُمَّ قَالُوا لِلشَّيْخِ إِذَا هَرِمَ: قَدْ أَفْنَدَ، لِأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِالْمُحَرَّفِ⁣(⁣١) مِنَ الْكَلَامِ عَنْ سَنَن الصِّحة. وأَفْنَدَه الكِبَر: إِذَا أوقَعه فِي الفَنَد.

  وَمِنْهُ حَدِيثُ التَّنُوخي رَسُولِ هِرَقْل «وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ بَلَغ الفَنَد أَوْ قَرُب».

  [هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمِّ مَعْبَد «لَا عابِسٌ وَلَا مُفَنَّد» هُوَ الَّذِي لَا فائدةَ»

  فِي كَلَامِهِ لِكَبِرٍ أَصَابَهُ.

  [هـ] وَفِيهِ «أَلَا إنِّي مِنْ أَوَّلِكُمْ وَفَاةً تَتَّبِعُوني أَفْنَاداً أَفْنَاداً يُهلِك بعضُكم بَعْضًا» أَيْ جَمَاعَاتٍ مُتَفَرَّقين قَوْمًا بَعْدَ قَوْمٍ، واحدُهم: فِنْد.

  والفِنْد: الطَّائفة مِنَ اللَّيْلِ. وَيُقَالُ: هُمْ فِنْدٌ عَلَى حِدَة: أَيْ فِئَة.

  [هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أسْرَعُ الناسِ بِي لحُوقا قَوْمي، ويَعيش الناسُ بَعْدَهُم أَفْنَاداً يقتُل بعضُهم بَعْضًا» أَيْ يَصِيرون فِرَقا مُخْتَلفين.

  [هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لمَّا تُوفيّ رَسول اللَّه صلَّى عَلَيْهِ النَّاسُ أَفْنَاداً أَفْنَاداً» أَيْ فِرَقاً بَعْدَ فِرَق، فُرَادَى بِلَا إِمَامٍ.

  [هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أنَّ رجُلا قَالَ لِلنَّبِيِّ : إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُفَنِّدَ⁣(⁣٣) فَرَسا» أَيْ ارْتَبِطه وأتَّخِذه حصنْا ومَلاَذا، أَلْجَأُ إِلَيْهِ كَمَا يُلْجأ إِلَى الفِنْد مِنَ الْجَبَلِ، وَهُوَ أنْفُه الْخَارِجُ مِنْهُ.

  وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بالتَّفْنِيد التَّضْمِير، مِنَ الفِنْد: وَهُوَ الغُصن⁣(⁣٤) مِنْ أَغْصَانِ الشَّجَرَةِ: أَيْ أضَمّرُه حَتَّى يَصير فِي ضُمْرِه كالغُصْن⁣(⁣٥).

  وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «لَوْ كَانَ جَبَلاً لَكَانَ فِنْداً» وَقِيلَ: هُوَ المُنْفَرِد مِنَ الْجِبَالِ.

(فَنِعَ)

  فِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ «أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ أَبِي مِحْجَن الثَّقَفي: أَبُوكَ الَّذِي يَقُولُ:

  إِذَا مُتُّ فَادْفِنِّي إِلَى جَنْب كَرْمَةٍ تُرَوِّي عظامي في التراب عروقها


(١) فى الأصل: «بالمخرّف» بالخاء المعجمة، وأثبتناه بالحاء المهملة من ا، واللسان.

(٢) فى الأصل: «هو الذى لا فند فى كلامه» والتصحيح من ا، والهروى، واللسان.

(٣) فى الأصل: «إنى أفند» والتصحيح من ا، واللسان، والهروى، والفائق ٢/ ٣٠٠.

(٤) عبارة الزمخشرى: «وهو الغصن المائل».

(٥) عبارة الزمخشرى: «كغصن الشجرة».