النهاية في غريب الحديث والأثر،

ابن الأثير (المتوفى: 606 هـ)

(نزا)

صفحة 43 - الجزء 5

  وَفِي حَدِيثِ الْجِهَادِ «لَا تُنْزِلْهم عَلَى حُكمِ اللَّهِ، ولكْن أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ» أَيْ إِذَا طَلَبَ الْعَدُوُّ مِنْكَ الْأَمَانَ والذِّمام عَلَى حُكْمِ اللَّه تَعَالَى فَلَا تُعْطِهم، وأعطِهم عَلَى حُكْمِكَ، فَإِنَّكَ رُبَّمَا تُخْطِئُ فِي حُكْمِ اللَّهِ، أَوْ لَا تَفِي بِهِ فتأثَمَ. يُقَالُ: نَزَلْتُ عَنِ الْأَمْرِ، إِذَا تركتَه، كَأَنَّكَ كُنْتَ مُسْتَعْلِيًا عَلَيْهِ مُسْتَوْلِيًا.

  وَفِي حَدِيثِ مِيرَاثِ الجَدّ «إِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَنْزَلَهُ أَبًا» أَيْ جَعَلَ الجَدَّ فِي مَنْزِلَةِ الْأَبِ، وَأَعْطَاهُ نَصِيبَهُ مِنَ الْمِيرَاثِ.

  (س) وَفِيهِ «نَازَلْتُ ربِّي فِي كَذَا» أَيْ راجعتُه، وسألتُه مرَّة بَعْدَ مَرَّةٍ. وَهُوَ مُفَاعَلَةٌ مِنَ النُّزُولِ عَنِ الْأَمْرِ، أَوْ مِنَ النِّزَالِ فِي الْحَرْبِ، وَهُوَ تقابُل القِرْنَيْن.

  وَفِيهِ «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ نُزْلَ الشّهداءِ» النُّزْلُ فِي الْأَصْلِ: قِرَى الضَّيْفِ. وتُضَمُّ زايُه.

  يُرِيدُ مَا لِلشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّه مِنَ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ.

  وَمِنْهُ حَدِيثُ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ «وأكرِمْ نُزُلَهُ» وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.

(نَزَّهَ)

  (س) فِيهِ «كَانَ يصلِّي مِنَ اللَّيْلِ، فَلَا يمُرّ بآيةٍ فِيهَا تَنْزِيهُ اللَّه تَعَالَى إِلَّا نَزَّهَهُ» أَصْلُ النَّزْهِ: البُعْد. وَتَنْزِيهُ اللَّه تَعَالَى: تبعيدُه عَمَّا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ مِنَ النَّقَائِصِ.

  (س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ، فِي تَفْسِيرِ سُبْحَانَ اللَّه «هُوَ تَنْزِيهُهُ» أَيْ إِبْعَادُهُ عَنِ السُّوءِ، وَتَقْدِيسُهُ.

  (س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ «الإيمانُ نَزِهٌ» أَيْ بعيدٌ عَنِ الْمَعَاصِي.

  (س) وَحَدِيثُ عمر «الجابيةُ أرضٌ نَزِهَةٌ» أي بعيدة من الْوَبَاءِ. وَالْجَابِيَةُ:

  قَرْيَةٌ بِدِمَشْقَ.

  وَحَدِيثُ عَائِشَةَ «صَنَعَ رَسُولِ اللَّه شَيْئًا فرخَّص فِيهِ فتنزَّه عَنْهُ قَوْمٌ» أَيْ تَرَكُوهُ وَأَبْعَدُوا عَنْهُ، وَلَمْ يَعْمَلُوا بالرُّخصة فِيهِ. وَقَدْ نَزُهَ نَزَاهَةً، وتَنَزَّهَ تَنَزُّهاً، إِذَا بَعُد.

  وَفِي حَدِيثِ المعذَّب فِي قَبْرِهِ «كَانَ لَا يَسْتَنْزِهُ مِنَ الْبَوْلِ» أَيْ لَا يَسْتَبْرِئُ وَلَا يَتَطَهَّرُ، وَلَا يَسْتَبْعِدُ مِنْهُ.

(نَزَا)

  (هـ) فِيهِ «إِنَّ رَجُلًا أَصَابَتْهُ جراحةٌ فَنُزِيَ مِنْهَا حَتَّى مَاتَ» يُقَالُ: نُزِف دمُه، ونُزِيَ، إِذَا جَرَى وَلَمْ ينقطع.