النهاية في غريب الحديث والأثر،

ابن الأثير (المتوفى: 606 هـ)

(حجب)

صفحة 340 - الجزء 1

  مِنَ الحَثْى، والمُراد أَنَّ كُلّ وَاحِدَة مِنْهُمَا رمَتْ فِي وَجْه صَاحِبَتها التُّراب.

  وَمِنْهُ حَدِيثُ الْعَبَّاسِ ¥ فِي موْت النَّبي وَدَفْنِهِ «وَإِنْ يَكُن مَا تَقُول يَا ابْن الخطَّاب حَقًّا فإنَّه لَنْ يَعْجِزَ أَنْ يَحْثُو عنْه تُراب القَبْر ويَقُوم» أَيْ يَرْمي بِهِ عَنْ نَفْسه.

  [هـ] وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «فَإِذَا حَصيرٌ بَيْنَ يَدَيْه علَيه الذهَبُ مَنْثُوراً نَثْر الحَثَا» هُو بالفَتْح وَالْقَصْرِ: دُقَاقُ التِّبْنِ⁣(⁣١).

بَابُ الْحَاءِ مَعَ الْجِيمِ

(حَجَبَ)

  - فِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ «حِينَ تَوَارَتْ بالحِجَاب» الحِجَاب هَاهُنَا: الأُفُقُ، يُريد حِين غَابت الشَّمْسُ فِي الأُفق واسْتَتَرَتْ بِهِ. وَمِنْهُ قوله تعالى {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ ٣٢}⁣[ص].

  (هـ) وَفِيهِ «إِنَّ اللَّهَ يَغْفر لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَقَع الحِجَاب، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الحِجَاب؟ قَالَ: أَنْ تَمُوت النَّفْسُ وَهِيَ مُشركة» كَأَنَّهَا حُجِبَت بِالْمَوْتِ عَنِ الْإِيمَانِ.

  (هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ ¥ «مَنِ اطَّلَع الحِجَاب وَاقع مَا وَرَاءه» أَيْ إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ واقَعَ مَا ورَاء الحِجَابَيْن: حِجَاب الجنَّة وحِجَاب النَّار لأنَّهُما قَدْ خَفِيا، وَقِيلَ اطَلاعُ الحِجَاب: مدُّ الرَّأْسِ، لِأَنَّ المُطالع يَمُدّ رَأْسَهُ يَنْظر مِنْ وَرَاءِ الحِجَاب وَهُوَ السِّتْر.

  (س) وَفِيهِ «قَالَتْ بَنُو قُصَيّ: فِينَا الحِجَابَة» يعْنُون حِجَابَةَ الْكَعْبَةِ، وَهِيَ سِدَانَتُهَا، وتَوَلّي حِفْظها، وهمُ الَّذِينَ بِأَيْدِيهِمْ مِفْتَاحُها.

(حَجَجَ)

  - فِي حَدِيثِ الحَجِّ «أيُّها النَّاسُ قَدْ فُرض عَلَيْكُمُ الحَجَّ فحَجُّوا» الحَجُّ فِي اللُّغَةِ.

  القَصْد إِلَى كلِّ شَيْءٍ، فخصَّه الشَّرع بقَصْدٍ مُعَيَّنٍ ذِي شُرُوطٍ مَعْلُومَةٍ، وَفِيهِ لُغَتان: الفَتْح والكسْر.

  وَقِيلَ الْفَتْحُ الْمَصْدَرُ، وَالْكَسْرُ الِاسْمُ، تَقُولُ حَجَجْتُ الْبَيْتَ أَحُجُّه حَجًّا، والحَجَّة بِالْفَتْحِ: المرَّة الْوَاحِدَةُ عَلَى القِياس. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الحِجَّة بالكَسر: المرَّة الْوَاحِدَةُ، وهو من الشّواذ. وذو الحِجَّة


(١) أنشد الهروي:

ويأكلُ التّمرَ ولا يُلقي النّوَى ... كأنه غرارة ملأى حثا