النهاية في غريب الحديث والأثر،

ابن الأثير (المتوفى: 606 هـ)

(شمم)

صفحة 502 - الجزء 2

  يَدَيه، وَإِنَّمَا أرَادَ أَنَّ الخُلْد والمُلْكَ يُجْعَلان لَهُ، فلمَّا كَانَتِ اليدُ عَلَى الشئِ سبَبَ المِلْكِ لَهُ وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ استُعِير لِذَلِكَ.

  (هـ) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ¥ «قَالَ لِلْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ: إِنَّ أَبَا هَذَا كَانَ يَنْسج الشِّمَالُ بيمينهِ» وَفِي رِوَايَةٍ «ينِسج الشِّمَالَ بالْيَمِينِ» الشِّمَالُ: جمعُ شَمْلَةٍ، وَهُوَ الكِساَء والمئزرُ يُتَّشح بِهِ. وقولُه الشِّمال بِيَمِينِهِ، مِنْ أحْسَن الألفاظِ وَأَلْطَفِهَا بَلاغةً وَفَصَاحَةً.

  وَفِي حَدِيثِ مَازِنٍ «بقَرْية يُقَالُ لَهَا شَمَائِلُ» يُروى بِالشِّينِ والسِّين، وَهِيَ مِنْ أَرْضِ عُماَن.

  وَفِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:

  صاَفٍ بأبْطَحَ أضْحَى وهْو مَشْمُولُ أَيْ مَاءٌ ضَرَبَتْه رِيحُ الشَّمال وَفِيهِ أَيْضًا:

  وَعمُّها خالُها قَوْدَاء شِمْلِيلُ الشِّمْلِيلُ - بِالْكَسْرِ -: السريعةُ الخفيفةُ.

(شَمَمَ)

  (س) فِي صِفَتِهِ «يَحْسِبُه مَن لَمْ يتَأمَلْه أَشَمَّ» الشَّمَمُ: ارتفاعُ قَصَبة الْأَنْفِ واسْتَواء أَعْلَاهَا وإشْرَاف الأرْنَبة قَلِيلًا.

  وَمِنْهُ قَصِيدُ كَعْبٍ:

  شُمُّ العَرَانينِ أبْطالٌ لَبُوسُهُمُ شُمٌّ جَمعُ أَشَمَّ، والعَرَانِين: الأنُوف، وَهُوَ كنايةٌ عَنِ الرِّفعةِ والعُلُوّ وشَرَفِ الأنفُسِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ للمتَكَبِّر المُتَعالي: شَمَخَ بِأَنْفِهِ.

  (هـ) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ حِينَ أَرَادَ أَنْ يبرُزَ لعمرو بن عبدودّ «قَالَ: أخرُج إِلَيْهِ فَأُشَامُّهُ قَبْلَ اللِّقَاءِ» أَيْ أخْتَبِرهُ وأنظرُ مَا عِنْدَهُ. يُقَالُ شَامَمْتُ فُلاَنا إِذَا قارَبْتَه وتعَرَّفْت مَا عنْدَه بالاخْتِبار والكَشْفِ، وَهِيَ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الشَّمِّ، كأنَّك تَشُمُّ مَا عندَه ويَشُمُّ مَا عِنْدَكَ، لتَعْمَلا بِمُقْتَضَى ذَلِكَ.

  وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ «شَامَمْنَاهُمْ ثُمَّ نَاوَشْنَاهُمْ».