النهاية في غريب الحديث والأثر،

ابن الأثير (المتوفى: 606 هـ)

(صردح)

صفحة 22 - الجزء 3

  ذَلِكَ لاحْتِرَامِه أوْ لضَرر فِيهِ كَانَ لِتَحْرِيمِ لَحْمِه. ألاَ تَرَى أَنَّهُ نُهِي عَنْ قتْل الحَيوان لِغَير مأكَلِةٍ.

  وَيُقَالُ إنَّ الهُدهُد مُنْتِن الرِّيحِ فَصَارَ فِي مَعْنى الجَلاَّلة، والصُّرَد تتشَاءمَ بِهِ العربُ وتَتطيُّر بصَوتِه وشخْصِه. وَقِيلَ إِنَّمَا كَرِهُوه مِنَ اسْمِهِ، مِنَ التَّصْرِيد وَهُوَ التَّقْلِيل.

(صَرْدَحَ)

  (هـ) فِي حَدِيثِ أَنَسٍ ¥ «رَأَيْتُ الناسَ فِي إمَارةِ أَبِي بَكْرِ جُمِعُوا فِي صَرْدَحٍ يْنُفُذُهُم البَصَر، ويُسْمِعُهم الصَّوتُ» الصَّرْدَح: الأرضُ الملْساءُ، وَجَمْعُهَا صَرَادِح.

(صَرِرَ)

  فِيهِ «مَا أَصَرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ» أَصَرَّ عَلَى الشَّيْءِ يُصِرُّ إِصْرَاراً إِذَا لَزِمَه ودَاوَمَه وثَبتَ عَلَيْهِ. وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الشَرّ والذُّنوب، يَعْنِي مَنْ أَتْبَعَ الذَّنْبَ بِالِاسْتِغْفَارِ فَلَيْسَ بِمُصِرٍّ عَلَيْهِ وَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ.

  وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ويلٌ للمُصِرِّينَ الَّذِينَ يُصِرُّون عَلَى مَا فَعلوه وَهُمْ يَعْلَمُونَ» وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.

  (هـ) وَفِيهِ «لَا صَرُورَةَ فِي الْإِسْلَامِ» قَالَ أَبُو عُبَيد: هُوَ فِي الْحَدِيثِ التَّبتَّل وتَركُ النِكَاحِ:

  أَيْ لَيْسَ يَنْبَغي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ لَا أتزوّجُ، لِأَنَّهُ ليسَ مِنْ أخْلاقِ المُؤمنين. وَهُوَ فِعْلُ الرُّهبَان.

  والصَّرُورَة أَيْضًا الَّذِي لَمْ يَحُجَّ قَط. وأصلُه مِنَ الصَّرِّ: الحبْسِ والمنْعِ. وَقِيلَ أَرَادَ مَنْ قَتل فِي الحرَم قُتِل، وَلَا يُقبل مِنْهُ أَنْ يَقول إِنِّي صَرُورَة، مَا حَجَجْتُ وَلَا عَرَفْتُ حُرْمَةَ الْحَرَمِ. كَانَ الرجلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا أحْدث حَدَثًا فَلَجَأَ إِلَى الكَعْبة لَمْ يُهَجْ، فَكَانَ إِذَا لَقَيه وليُّ الدَّم فِي الحَرم قِيلَ لَهُ هُوَ صَرُورَةٌ فَلَا تَهِجْه.

  (س) وَفِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لِجِبْرِيلَ #: تَأتِيِني وأنتَ صَارّ بيْن عَينَيك» أَيْ مُقْبَضٌ جامعٌ بينَهما كَمَا يَفْعل الحزِين. وأَصْلُ الصَّرِّ: الجمْع وَالشَّدُّ.

  (س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ يُؤْمنُ بِاللَّهِ واليومِ الآخِر أَنْ يَحُلّ صِرَارَ ناقةٍ بِغير إذْن صاحِبها، فَإِنَّهُ خَاتَمُ أهْلها» مِنْ عَادةِ العرَب أَنْ تَصُرَّ ضُرُوع الحَلوُبات إِذَا أرسَلُوها إِلَى المَرْعَى سَارِحَة. ويُسُّمون ذَلِكَ الرَّباطَ صِرَاراً، فَإِذَا راحَتْ عَشِيًا حُلَّت تِلك الأَصِرَّة وحُلِبَت، فَهِيَ مَصْرُورَة ومُصَرَّرَة.