النهاية في غريب الحديث والأثر،

ابن الأثير (المتوفى: 606 هـ)

(عرك)

صفحة 222 - الجزء 3

  فَقَالَ: حَتَّى تَصِير بَلَحاً، فَلَمَّا أبْلَحت قَالَ: دَعها حَتَّى تَصير بُسْراً، فَلَمَّا أبْسَرَت قَالَ: دَعْها حَتَّى تَصير رُطَبا، فَلَمَّا أرْطَبَت قَالَ: دَعْها حَتَّى تَصير تَمْراً، فَلَمَّا أتْمَرت عَمَد إِلَيْهَا مِنَ اللَّيْلِ فجدَّها وَلَمْ يُعْطِه مِنْهَا شَيْئًا، فَصَارَتْ مَثَلًا فِي إخْلافِ الوعْدِ.

(عَرُكَ)

  فِي صِفَتِهِ «أصْدَقُ النَّاس لَهْجَةً وألْيَنُهُم عَرِيكةً» العَرِيكَة:

  الطَّبيعَةُ. يُقَالُ: فُلان ليِّن العَرِيكَة، إِذَا كَانَ سَلِساً مُطَاوِعا مُنْقَاداً قَلِيلَ الخِلاف والنُّفُور.

  وَفِي حَدِيثِ ذَمّ السُّوق «فَإِنَّهَا مَعْرَكَة الشَّيْطَانِ، وَبِهَا ينْصِبُ رايتَه» المَعْرَكَة والمُعْتَرَك:

  مَوضِعُ الْقِتَالِ: أَيْ مَوْطِن الشَّيْطَانِ ومحلُّه الَّذِي يأوِي إِلَيْهِ وَيُكْثِرُ مِنْهُ، لِمَا يَجْرِي فِيهِ مِنَ الحَرَام والكَذِب والرِّبا والغَصْب، وَلِذَلِكَ قَالَ: «وَبِهَا ينْصبُ رايَتَه» كِنَايَةً عَنْ قُوَّة طَمَعه فِي إغْوائِهم، لأنَّ الرَّايات فِي الحُرُوب لَا تُنْصَبُ إلاَّ مَعَ قُوَّةِ الطَّمَعِ فِي الغَلبة، وإلاَّ فَهِيَ مَعَ الْيَأْسِ تُحَطُّ وَلَا تُرْفَعُ.

  (هـ) وَفِي كِتَابِهِ لِقَوْمٍ مِنَ الْيَهُودِ «إنَّ عَلَيْكُمْ رُبْعَ مَا أخْرَجَت نخلُكم. ورُبْعَ مَا صادَت عُرُوكُكُم، وَرُبْعَ المِغْزَل» العُرُوك: جمعُ عَرَك بِالتَّحْرِيكِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَصِيدُونَ السَّمَكَ.

  (هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إنَّ العَرَكِيَّ سَأَلَهُ عَنِ الطُّهُور بِمَاءِ الْبَحْرِ» العَرَكِيُّ بِالتَّشْدِيدِ: واحدُ العَرَكِ، كعَرَبيٍّ وعَرَب.

  وَفِيهِ «أَنَّهُ عاوَدَه كَذَا وَكَذَا عَرْكَة» أَيْ مرَّةً. يُقَالُ: لَقِيته عَرْكَة بَعْدَ عَرْكَة: أَيْ مرَّةً بَعْدَ أخْرَى.

  وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ تصِفُ أَبَاها «عُرَكَةٌ للأَذَاة بجَنْبه» أَيْ يَحْتَمِله. وَمِنْهُ عَرَكَ البعيرُ جَنْبه بمِرْفَقه إِذَا دَلَكَه فَأَثَّرَ فِيهِ.

  وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «حَتَّى إِذَا كُنَّا بِسَرِفَ عَرَكْتُ» أَيْ حِضْتُ. عَرَكَتِ المرأةُ تَعْرُكُ عِرَاكاً فَهِيَ عَارِك.

  (هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إنَّ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ كَانَتْ مُحْرِمةً فذَكرَتِ العَرَاك قَبْلَ أَنْ تُفِيضَ» وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الحديث.