النهاية في غريب الحديث والأثر،

ابن الأثير (المتوفى: 606 هـ)

(أرس)

صفحة 38 - الجزء 1

  ورزَّتْ إِذَا أَدْخَلَتْ ذَنَبَهَا فِي الْأَرْضِ لِتُلْقِيَ فِيهَا بَيْضَهَا. وَرَزَزْتُ الشَّيء فِي الْأَرْضِ رَزَّا: أَثْبَتَّهُ فِيهَا.

  وَحِينَئِذٍ تَكُونُ الْهَمْزَةُ زَائِدَةً، وَالْكَلِمَةُ مِنْ حَرْفِ الرَّاءِ.

  (س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي الْأَسْوَدِ «إِنْ سُئِلَ أَرَزَ» أَيْ تَقَبَّضَ مِنْ بُخْلِهِ. يُقَالُ أَرَزَ يَأْرِزُ أَرْزاً، فَهُوَ أَرُوزٌ، إِذَا لَمْ يَنْبَسِطْ لِلْمَعْرُوفِ.

  (هـ) وَفِيهِ «مَثل الْمُنَافِقِ⁣(⁣١) مَثَلُ الأَرْزَة المُجْذِية عَلَى الْأَرْضِ» الأَرْزَة - بِسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا - شَجَرَةُ الأرْزنِ، وَهُوَ خَشَبٌ مَعْرُوفٌ. وَقِيلَ هُوَ الصَّنَوْبَرُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ الآرِزَة بِوَزْنِ فَاعِلَةٍ، وَأَنْكَرَهَا أَبُو عُبَيْدٍ.

  (هـ) وَفِي حَدِيثِ صَعْصَعَةَ بْنِ صُوحان «وَلَمْ يَنْظُرْ فِي أَرْزِ الْكَلَامِ» أَيْ فِي حَصْرِهِ وَجَمْعِهِ وَالتَّرَوِّي فِيهِ.

(أَرَسَ)

  (س هـ) فِي كِتَابِ النَّبِيِّ # إِلَى هِرَقْلَ «فَإِنْ أَبَيْتَ فَعَلَيْكَ إِثْمُ الأَرِيسِيِّين» قَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ صِيغَةً وَمَعْنًى: فَرُوِيَ الأَرِيسِين بِوَزْنِ الْكَرِيمِينَ. وَرُوِيَ الإِرِّيسِين بِوَزْنِ الشِّرِّيبين. وَرُوِيَ الأَرِيسِيِّين بِوَزْنِ العظِيمِيَّين. وَرُوِيَ بِإِبْدَالِ الْهَمْزَةِ يَاءً مَفْتُوحَةً فِي الْبُخَارِيِّ.

  وَأَمَّا مَعْنَاهَا فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هُمُ الْخَدَمُ والخوَل، يَعْنِي لِصَدِّهِ إِيَّاهُمْ عَنِ الدِّينِ، كما قال {رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا}⁣[الأحزاب: ٦٧] أَيْ عليكَ مثْلُ إِثْمِهِمْ.

  وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: أَرَسَ يَأْرِسُ أَرْساً فَهُوَ أَرِيسٌ، وأَرَّسَ يُؤَرِّسُ تَأْرِيساً فَهُوَ إِرِّيس، وجمعُهَا أَرِيسُون وإِرِّيسُون وأَرَارِسَة، وَهُمُ الأكّارُون. وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَكَّارِينَ كَانُوا عِنْدَهُمْ مِنَ الفُرْسِ، وَهُمْ عَبَدَةُ النَّارِ، فَجَعَلَ عَلَيْهِ إِثْمَهُمْ.

  وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ: أَصْحَابُ الْحَدِيثِ يَقُولُونَ الأَرِيسِيِّين مَنْسُوبًا مَجْمُوعًا، وَالصَّحِيحُ الأَرِيسِين، يَعْنِي بِغَيْرِ نَسَبٍ، وَرَدَّهُ الطَّحَاوِيُّ عَلَيْهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ فِي رَهْطِ هِرَقْلَ فِرْقَةً تُعْرَفُ بالأَرُوسِيَّة، فَجَاءَ عَلَى النَّسَبِ إِلَيْهِمْ. وَقِيلَ إِنَّهُمْ أَتْبَاعُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَرِيس - رَجُلٌ كَانَ فِي الزَّمَنِ الأوَّل - قَتَلُوا نَبِيًّا بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ. وَقِيلَ الإِرِّيسُون، الْمُلُوكُ وَاحِدُهُمْ إِرِّيس. وَقِيلَ هُمُ الْعَشَّارُونَ.

  وَمِنْهُ حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ «بَلَغَهُ أَنَّ صاحِبَ الرُّومِ يُرِيدُ قَصْدَ بلاد الشام أيام صفين، فكتب


(١) رواية اللسان، وتاج العروس: مثل الكافر الخ.