النهاية في غريب الحديث والأثر،

ابن الأثير (المتوفى: 606 هـ)

(طوع)

صفحة 142 - الجزء 3

  الأَطْوَار: الحالاَتُ المُخْتَلِفة والتَّارَات، والحدُودُ، وَاحدُها طَوْر: أَيْ مَرَّةً مُلْك ومَرَّةً هُلْك ومَرَّةً بُؤْس وَمَرَّةً نُعْم.

  (س) وَمِنْهُ حَدِيثُ النَّبِيذ «تَعدَّى طَوْرَه» أَيْ جاوزَ حَدَّه وَحَالَهُ الَّذِي يَخُصُّه ويَحلّ فِيهِ شُرْبُه.

  وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ¥ «وَاللَّهِ لَا أَطُور بِهِ مَا سَمَر سَمِيرٌ» أَيْ لَا أقْرَبُه أَبَدًا.

(طَوُعَ)

  (هـ) فِيهِ «هَوًى مُتَّبَعٌ وشُحٌ مُطَاعٌ» هُوَ أَنْ يُطِيعَه صاحِبَه فِي مَنْع الحُقُوق الَّتِي أوجَبها اللهُ عَلَيْهِ فِي مالِه. يُقَالُ: أَطَاعَه يُطِيعُه فَهُوَ مُطِيع. وطَاعَ لَهُ يَطُوع ويَطِيع فَهُوَ طَائِع، إِذَا أذْعَن وانقادَ، والاسمُ الطَّاعَة.

  وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فإنْ هُم طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ» وَقِيلَ: طَاعَ: إِذَا انْقَاد، وأَطَاعَ: اتَّبَع الأمْرَ وَلَمْ يُخَالفه. والاسْتِطَاعَة: القُدْرة عَلَى الشَّيء. وَقِيلَ: هِيَ اسْتِفْعال مِنَ الطَّاعَة.

  (س) وَفِيهِ «لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِية اللَّهِ» يُريد طَاعَة وُلاَةِ الْأَمْرِ إِذَا أمِرُوا بِمَا فِيهِ مَعْصِية كالقَتْل والقَطْع وَنَحْوَهُ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّ الطَّاعَة لَا تَسْلم لصاحِبِها وَلَا تخْلُص إِذَا كَانَتْ مَشُوَبًة بِالْمَعْصِيَةِ، وَإِنَّمَا تَصِحُّ الطَّاعَة وَتَخْلُصُ مَعَ اجْتِنَابِ الْمَعَاصِي، وَالْأَوَّلُ أشْبَه بِمَعْنَى الْحَدِيثِ، لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ مُقَيَّدا فِي غَيْرِهِ، كَقَوْلِهِ «لَا طَاعَةَ لمَخْلُوق فِي مَعْصية اللَّهِ» وَفِي رِوَايَةٍ «مَعْصية الخَالِق».

  وَفِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ البَدْرِيّ ¥ «فِي ذِكْرِ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

  » أصلُ المُطَّوِّع: المُتَطَوِّع، فأدْغِمَت التاءُ فِي الطَّاءِ، وَهُوَ الَّذِي يَفْعَلُ الشَّيْءَ تبرُّعا مِنْ نَفْسه. وَهُوَ تفُّعل مِنَ الطَّاعة.

(طَوُفَ)

  (هـ) فِي حَدِيثِ الهِرّة «إنَّما هِيَ مِنَ الطَّوَّافين عَلَيكم والطَّوَّافات» الطَّائِف:

  الخادمُ الَّذِي يَخْدُمُك برفْقٍ وعنَاية، والطوَّاف: فَعَّال مِنْهُ، شَبَّهها بالخَادمِ الَّذِي يَطُوف عَلَى مَولاهُ ويدورُ حَوله، أخْذاً مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ}⁣[النور: ٥٨].

  وَلَمَّا كَانَ فِيهِنَّ ذكورٌ وإناثٌ قَالَ: الطَّوَّافُون والطَّوَّافَات.

  (س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَقَدْ طَوَّفْتُمَا بِي اللَّيلَة» يُقَالُ: طَوَّفَ تَطْوِيفا وتَطْوَافا.