النهاية في غريب الحديث والأثر،

ابن الأثير (المتوفى: 606 هـ)

(طبع)

صفحة 112 - الجزء 3

  أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهَا الدَّرَّة نَفْسَها، فَسَمَّاهَا طَبْطَبِيَّة، لِأَنَّهَا إِذَا ضُرِبَ بِهَا حكَت صَوت طَبْ طَبْ، وَهِيَ منصوبَةٌ عَلَى التَّحذير، كَقَوْلِكَ: الأسدَ الأسَدَ، أَيِ احذَرُوا الطَّبْطَبِيَّة.

(طَبَعَ)

  (هـ) فِيهِ «مَنْ تَرَكَ ثَلاثَ جُمَع مِنْ غَيْرِ عُذْر طَبَعَ اللهُ عَلَى قَلْبه» أَيْ خَتَم عَلَيْهِ وغشَّاه ومنَعه ألطافَه. والطَّبْع بِالسُّكُونِ: الخَتْم، وبالتَّحريك: الدَّنَسُ. وأصلُه مِنَ الوَسَخ والدنَس يَغْشَيان السَّيف. يُقَالُ طَبِعَ السيفُ يَطْبَعُ طَبَعاً. ثُمَّ استُعمِل فِيمَا يُشْبِه ذَلِكَ مِنَ الأوزَارِ والآثامِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْمَقَابِحِ.

  (هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ طَمَع يَهْدي إِلَى طَبَعٍ» أَيْ يُؤَدِّي إِلَى شَيْن وعَيْب. وَكَانُوا يَروْن أَنَّ الطَّبَع هُوَ الرَّينْ.

  قَالَ مُجَاهِدٌ: الرَّين أيسرُ مِنَ الطَّبَع، والطَّبَع أيسرُ مِنَ الإْقَفال، وَالْإِقْفَالُ أشدُّ ذَلِكَ كُلّه.

  وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلُهُ تَعَالَى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ}⁣[المطففين: ١٤] وقوله: {طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ}⁣[النحل: ١٠٨] وقوله: {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ٢٤}⁣[محمد].

  وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ «لَا يتزوَّج مِنَ الَعَرب فِي المَوالِي إِلَّا الطَّمِعُ الطَّبِع».

  وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ «اخْتِمْه بآمينَ، فإنَّ آمينَ مثلُ الطَّابَع عَلَى الصَّحيفة» الطَّابَع بِالْفَتْحِ: الخاتَم. يريدُ أَنَّهُ يُخْتم عَلَيْهَا وتُرْفع كَمَا يَفعل الإنسانُ بِمَا يَعزُّ عَلَيْهِ.

  (هـ) وَفِيهِ «كُلّ الخِلال يُطْبَعُ عَلَيْهَا المؤمنُ إلاَّ الخِيانَة والكذبَ» أَيْ يُخْلق عَلَيْهَا. والطِّبَاع: مَا رُكّب فِي الْإِنْسَانِ مِنْ جَمِيعِ الْأَخْلَاقِ الَّتِي لَا يَكَادُ بزوالها⁣(⁣١) مِنَ الخَير والشَّرِّ. وَهُوَ اسمٌ مُؤَنَّثٌ عَلَى فِعَال، نَحْوَ مِهاد وَمِثَالٍ، والطَّبَع: الْمَصْدَرُ.

  (هـ) وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ «وسُئِل عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ ١٠}⁣[ق] فَقَالَ: هُوَ الطِّبِّيع فِي كُفُرَّاه» الطِّبِّيع بِوَزْنِ القِنْديل: لُبُّ الطَّلْع. وكُفُرَّاه وكافُوره: وعَاؤُه.

  (س) وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «أَلْقَى الشَّبكةَ فطَبَّعَها سَمكا» أَيْ ملأَها. يُقَالُ تَطَبَّعَ النَّهْرُ:

  أَيِ امتْلأ. وطَبَّعْتُ الإناء: إذا ملأته.


(١) الذي في الهروي: التي لا يزايلها».