النهاية في غريب الحديث والأثر،

ابن الأثير (المتوفى: 606 هـ)

(غلق)

صفحة 379 - الجزء 3

(غَلَفَ)

  فِي صِفَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «يَفْتَح قُلُوبًا غُلْفاً» أَيْ مُغَشَّاةً مُغَطَّاة، واحِدها: أَغْلَف. وَمِنْهُ غِلَاف السَّيف وغَيْره.

  وَمِنْهُ حَدِيثُ حُذَيفة والخُدْرِيّ «القُلوب أَرْبَعَةٌ: فَقَلْبٌ أَغْلَف» أَيْ عَلَيه غِشَاءٌ عَنْ سَماع الحَقّ وقَبوله.

  وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «كُنْتُ أُغَلِّفُ لِحْيَةَ رَسُولِ اللَّهِ بالْغَالِيَة» أَيْ ألطَخُها بِه وأُكْثِر. يُقال: غَلَفَ بِهَا لِحْيَتَه غَلْفاً، وغَلَّفَها تَغْلِيفاً. والغَالِية: ضَرْبٌ مُرَكَّب مِنَ الطِّيب.

(غَلِقَ)

  (هـ) فِيهِ «لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ» يُقَالُ: غَلِقَ الرَّهْنُ يَغْلَقُ غُلُوقاً. إِذَا بَقِيَ فِي يَدِ المرْتَهِن لَا يَقْدرُ رَاهِنُه عَلَى تَخْليصِه. وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحقّه المرْتَهِن إِذَا لَمْ يَسْتَفكّه صاحبُه.

  وَكَانَ هَذَا مِنْ فِعْل الْجَاهِلِيَّةِ، أَنَّ الرَّاهن إِذَا لَمْ يؤدِّ مَا عَلَيْهِ فِي الوَقت المُعَيَّن ملَكَ المرْتَهِن الرَّهْن، فأبْطَله الْإِسْلَامُ.

  قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: يُقَالُ غَلِقَ البابُ، وانْغَلَقَ واسْتَغْلَقَ، إِذَا عَسُر فَتْحُه. والغَلَق فِي الرَّهْنِ: ضِدّ الفَكّ، فَإِذَا فَكّ الراهنُ الرهْنَ فَقَدْ أطْلَقه مِنْ وَثَاقِه عِنْدَ مُرْتَهِنه. وَقَدْ أَغْلَقْتُ الرَّهن فغَلِقَ: أَيْ أوْجَبْتُه فوَجَب للمرْتَهِن.

  [هـ] وَمِنْهُ قَوْلُ حُذَيفة بْنِ بَدْرٍ لقَيس بْنِ زُهَيْر «حِينَ جَاءَهُ فَقَالَ: مَا غَدَا بِك؟ قَالَ:

  جئتُ لأوَاضِعَك الرِّهَان، قَالَ: بَلْ غَدَوْت لتُغْلِقَه» أَيْ جئتُ لتَضَعَ الرَّهْن وتُبْطِله. فَقَالَ: بَلْ جئتَ لتُوجبَه وتُؤكَّده.

  [هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ورجُلٌ ارْتَبط فَرَساً ليُغَالِقَ عَلَيْهَا» أَيْ لِيُرَاهِنَ. والمَغَالِق: سِهَامُ الْمَيْسِرِ، وَاحِدُهَا: مِغْلَق بِالْكَسْرِ، كَأَنَّهُ كَرِه الرِّهان فِي الْخَيْلِ إِذَا كَانَ عَلَى رَسْم الجاهليَّة.

  (هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا طَلاقَ وَلَا عَتَاقَ فِي إِغْلَاق» أَيْ فِي إكْراه، لأنَّ المُكْرَه مُغْلَق