النهاية في غريب الحديث والأثر،

ابن الأثير (المتوفى: 606 هـ)

(نفع)

صفحة 98 - الجزء 5

  وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنِّي لَأَنْفُضُهَا نَفْضَ الْأَدِيمِ» أَيْ أُجْهِدُها وأعرُكُها، كَمَا يُفْعل بِالْأَدِيمِ عِنْدَ دِباغِه.

  (س) وَفِي حَدِيثٍ «كُنَّا فِي سَفَرٍ فَأَنْفَضْنَا» أَيْ فَنِيَ زادُنا، كَأَنَّهُمْ نَفَضُوا مَزاوِدَهم لخُلُوِّها، وَهُوَ مِثْل أرْمَل وأقْفَر.

(نَفَعَ)

  - فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى «النَّافِعُ» هُوَ الَّذِي يُوَصِّلُ النَّفع إِلَى مَنْ يَشَاءُ مِن خَلْقِه حَيْثُ هُوَ خالِقُ النَّفْع والضَّر، والخَيْر والشَّر.

  وَفِي حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ كانَ يشربُ مِنَ الإدَاوَةِ وَلَا يَخْنِثُها ويُسَمّيها نَفْعَةَ» سمَّاها بالمرَّة الواحدةِ مِنَ النَّفْعِ، ومَنَعها مِنَ الصَّرف للعَلميَّة وَالتَّأْنِيثِ.

  هَكَذَا جَاءَ فِي الْفَائِقِ»

  فَإِنْ صَحَّ النَّقْل، وَإِلَّا فَمَا أشْبَه الكَلمة أَنْ تَكُونَ بِالْقَافِ، مِنَ النَّقع، وَهُوَ الرِّيّ. واللَّه أَعْلَمُ.

(نَفَقَ)

  - قَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ «النِّفَاقِ» وَمَا تصرَّف مِنْهُ اسْما وفعْلا، وَهُوَ اسمٌ إِسْلَامِيٌّ، لَمْ تَعْرفْه الْعَرَبُ بالمعْنى المخْصُوص بِهِ، وَهُوَ الَّذِي يَسْتُر كُفْرَه ويُظْهر إِيمَانَهُ، وَإِنْ كَانَ أصلُه فِي اللُّغة مَعْروفا. يُقَالُ: نَافَقَ يُنَافِقُ مُنَافَقَةً ونِفَاقاً، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ النَّافِقَاءِ: أحَد جِحَرة اليَرْبوع، إِذَا طُلِب مِنْ واحِدٍ هرَب إِلَى الآخَر، وخرَج مِنْهُ. وَقِيلَ: هُوَ مِنَ النَّفَقِ: وَهُوَ السَّرَب الَّذِي يُسْتَتَر فيهِ، لِسَتْرِه كُفْرَه.

  وَفِي حَدِيثِ حَنْظَلَةَ «نَافَقَ حَنْظَلةُ» أَرَادَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ عِند النَّبِيِّ أخْلَصَ وزَهِدَ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا خَرَجَ عَنْهُ تَرك مَا كَانَ عَلَيْهِ ورَغِب فِيهَا، فَكَأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ، مَا كَانَ يَرْضَى أَنْ يُسامِحَ بِهِ نفسَه.

  (س) وَفِيهِ «أكْثَر مُنافِقي هَذِهِ الأمَّة قُرَّاؤُها» أَرَادَ بِالنِّفَاقِ هَاهُنَا الرِّياء لِأَنَّ كِلَيْهما إظهارُ غَيْرِ مَا فِي الْبَاطِنِ.

  (س) وَفِيهِ «الْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهَ بالحَلِف كاذبٌ» الْمُنَفِّقُ بِالتَّشْدِيدِ: مِنَ النفَاق، وَهُوَ ضِدُّ الكَساد. ويُقالُ: نَفَقَتِ السِلعةُ فَهِيَ نَافِقَةٌ، وأَنْفَقْتُهَا ونَفَّقْتُهَا، إذا جَعَلْتَها نَافِقَةً.


(١) انظر الفائق ١/ ٣٧٣.