البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[تفسير سورة البقرة]

صفحة 114 - الجزء 1

  ولكنه النائي إذا كنت آمناً ... وصاحبك الأدنى إذا الأمر أعضلا

  فنهى الله سبحانه وتعالى أولياء المرأة عن عضلها ومنعها النكاح لمن رضيته من أكفائها وقوله: {إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} أي إذا تراضى الزوجان بالمهر وفي الآية بيان أنه لا يصح النكاح إلا بولي لورود الأمر إلى الأولياء بترك العضل وهذه الآية نزلت في معقل بن يسار وقد زوج أخته رجلاً فطلقها ثم تراضيا بعد العدة أن يتزوجها فنزلت هذه الآية.

  قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} والحول السنة وهو مأخوذ من قولهم: حال الشيء إذا انقلب لانقلابه عن الوقت الأول ومنه استحال الكلام لانقلابه عن الصواب، وإنما قال: حولين كاملين لأن العرب تقول: أقام فلان بمكان كذا حولين أي حولاً وبعض آخر، وأقام يومين أي يوماً وبعض آخر.

  قال تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} أي تعجل في يوم وبعض آخر.

  وهذا حكم في رضاع الولد إذا اختلف والداه في إرضاعه أي يرضع حولين كاملين ثم قال: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} والمولود له الأب عليه في ولده لمن يرضعه الكسوة والنفقة وقوله: {بِالْمَعْرُوفِ} أي على قدر اليسار والإعسار ثم قال: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} أي لا تمتنع من إرضاعه إضراراً بالأب {وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} أي الأب لا يضار بولده أي لا ينتزع الولد من أمه ضراراً بها {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} أي على وارث الولد يعني أولياءه وعصبته مثل ما كان على أبيه من القيام وطلب صلاحه والإنفاق عليه بالمعروف وتأديبه والأولياء في ذلك يقومون مقام الآباء.