البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[تفسير سورة البقرة]

صفحة 115 - الجزء 1

  ثم قال: {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} والفصال الفطام وسمي فصالاً لانفصال الصبي عن ثدي أمه، وقولهم: فاصل فلان فلاناً إذا فارقه بعد خلطة والتشاور استخراج الرأي بالمشورة، وزمان الانفصال قبل الحولين فإن رضي الأبوين بذلك جاز وإن رضي أحدهما لم يجز.

  ثم قال: {وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ} فحذف اللام اكتفاء بدلالة الكلام وهذا عند امتناع الأم من إرضاع ولدها فلا جناح عليه أن يسترضع له ظئراً غيرها {إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا ءَاتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ} أي إذا سلمتم أيها الآباء إلى الأمهات أجور ما أرضعن قبل الامتناع منهن، ويحتمل أن يكون المعنى إذا سلمتم الأولاد بمشورة أمهاتهم إلى المسترضعة علمتم أجرها بالمعروف.

  قوله ø: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} يعني بالتربص زمان العدة في المتوفى عنها زوجها، ومعنى زيادة العشر على أربعة أشهر هذا ما روينا أن الله ø ينفخ الروح في الجنين في هذه العشر ثم ذكر العشر بالتأنيث تغليباً لليالي على الأيام إذا اجتمعت لأن أول الشهر طلوع الهلال ودخول الليل فكان تغليب الأوائل على التوالي أولى والإحداد فهو واجب وهو الامتناع من الزينة والرحيل والتطيب والنقلة.

  قوله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} فإن قيل: فما المعنى في رفع الجناح على الرجال إذا بلغ النساء أجلهن؟ فالجواب: أن الخطاب توجه إلى الرجال فيما يلزم النساء من أحكام العدة فإذا بلغن أجلهن ارتفع الجناح عن الرجال في الإنكار