البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[تفسير سورة البقرة]

صفحة 116 - الجزء 1

  عليهن وأخذهن بأحكام عدتهن ثم قوله {فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ} من التطيب والتزين، ويحتمل أن يكون المعنى: ولا جناح على الرجال في نكاحهن بعد انقضاء عدتهن، وهذه الآية ناسخة لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ}⁣[البقرة: ٢٤٠].

  فإن قيل: فهي متقدمة والناسخ حكمه أن يكون متأخراً. قيل: هو في التنزيل متأخر وفي التلاوة متقدم.

  فإن قيل: فلم قدم في التلاوة مع تأخره في التنزيل؟ قيل: لسبق القارئ إلى تلاوته ومعرفة حكمه حتى إن لم يقرأ ما بعده من المنسوخ أجزى.

  قوله تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} أما التعريض فهو الإشارة بالكلام إلى ما ليس فيه ذكر فالخِطبة بكسر الخاء هو طلب النكاح، والخُطبة بالضم فهو تأليف كلام يتضمن وعظاً وإبلاغاً، والتعريض المباح في العدة أن يقول: رُبّ رجل يرغب إليك ولعل الله يسوق إليك خيراً.

  ثم قال: {أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ} أي أسررتموه من عقد النكاح، ثم قال: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} أي لا تأخذوا عهودهن ومواثيقهن على أن لا ينكحن غيركم.

  ثم قال: {إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا} وهو التعريض الذي ذكرناه، ثم قال: {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ} وفي الكلام حذف وتقديره ولا تعزموا عقد [عقدة] النكاح يعني التصريح بالخطبة؛ ثم قال: {حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} يعني انقضاء العدة وتقدير الكلام حتى يبلغ فرض الكتاب أجله.

  قوله ø: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ}