البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[تفسير سورة البقرة]

صفحة 123 - الجزء 1

  قوله ø: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ ءَامَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا} أي من ظلمات الضلالة إلى نور الهدى فإن قيل: فكيف يخرجونهم وهم لم يدخلوا فيه؟ فالجواب: أن الآية في المرتدين والكفار الذين لم يؤمنوا.

  قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ} هو النمرود بن كنعان أول من تجبر في الأرض وادعى الربوبية {أَنْ ءَاتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ} والذي آتاه الله الملك هو إبراهيم {إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} يريد أنه يحيي من وجب عليه القتل بالتخليةوالاستبقاء ويميت بأن يقتل من غير سبب يوجب القتل فعارض اللفظ بمثله، قال إبراهيم: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ}.

  فإن قيل: فلم ينصر حجته الأولى ولكن عدل عنها وهذا يكون تضعيف الحجة؛ فعن هذا جوابان أحدهما: أنه قد ظهر من فساد معارضته ما لم يحتج معه إلى نصرة حجته ثم أتبع ذلك بغيره تأكيداً عليه في الحجة.

  والجواب الثاني: أنه لما كان في تلك الحجة إشعار فيه واستظهار عليه قال: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ} فالجواب: أن الله سبحانه وتعالى خذله بالصد عن هذه الشبهة، والثاني: أنه علم بما رأى معه من الآيات أن يفعل فيزداد فضيحة {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} أي انقطع وتحير.

  قوله تعالى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ} والذي مر على القرية هو عزير والقرية هي بيت المقدس لما خربها بخت نصر، {وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} أي خالية خراب يقال خوت الدار إذا خلت من أهلها والخوى