البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[تفسير سورة البقرة]

صفحة 130 - الجزء 1

  قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ} أي تعاملتم، وفي قوله: {فَاكْتُبُوهُ} أمر على الندب {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ} وأمر الكاتب بذلك ندب {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} أي على الكاتب ويقر به عند الشاهد {وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا} أي لا ينقص منه شيئاً {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا} والسفيه المبذر لماله الفاسد في دينه ويدخل في الآية الصبي والمجنون والضعيف وهو العاجز عن الإملاء إما لعي أو خرس أو غيره، {أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ} أي العي والأخرس {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} أي ولي من عليه الحق {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} وهذا أيضاً أمر على الندب {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} يعني فإن لم تكن البينة رجلين فرجل وامرأتان، {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} وهم المسلمون العدول {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} أي تذكرها إذا نسيت.

  قوله تعالى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} أي لتحمل الشهادة وأدائها عند الحاكم وهذا فرض على الكفاية {وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ} أي لا تملوا وليس المراد بالصغر التافه الحقير الذي يخرج عن العرف المعهود {ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} أي أعدل يقال أقسط الرجل إذا عدل فهو مقسط قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ٤٢}⁣[المائدة]، وقسط إذا جار قال الله تعالى: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا ١٥}⁣[الجن].

  {وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ} يعني أي أصح لها مأخوذ من الاستقامة {وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا} بمن عليه الحق أن ينكر ولا بالشاهد أن يضل {إِلَّا أَنْ تَكُونَ