[تفسير سورة البقرة]
  تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا} وهذه على الإباحة ولو كتب جاز، {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} وهذا الأمر على الندب {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} ومضارتهما هو أن يكتب الكاتب ما لم يملى عليه ويشهد الشاهد ما لم يشهد فيه {وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ} والفسوق المعصية والكذب.
  قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} والرهان جمع رهن كثمار وثمر وليس السفر شرطاً في جواز الرهن لأن النبي ÷ قد رهن درعه عند أبي شحمة اليهودي وهو بالمدينة حاضر ولا عدم الكاتب والشاهد شرط لأنه زيادة وثيقة.
  قوله تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} أي بغير كاتب ولا شاهد ولا رهن {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} وأداء الحق وترك الفصل به {وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ ءَاثِمٌ قَلْبُهُ} أي مكتسب الإثم بكتمان الشهادة.
  قوله تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} أي أن الله سبحانه وتعالى مالك السماوات والأرض ومدبرهما {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} قيل: لما نزلت هذه الآية اشتد ذلك على من كان بحضرة رسول الله ÷ وقالوا: إن نؤاخذ بما نحدث به نفوسنا هلكنا إذاً فأنزل الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} وهذه نسخت حكم ما قبلها.
  قوله تعالى: {ءَامَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ... إلى قوله: وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وقرئ وكتابه وَرُسُلِهِ} فمن قرأ: وكتبه، أراد جمع ما أنزل الله معلى أنبيائه، ومن قرأ: وكتابه، عنى به القرآن.